الأنسان في فطرته التي فطره الله عليها ,لا يستطيع أن يعيش وحيدا
أو في معزل عن مايدور حوله, انه كائن اجتماعي يحب اﻷختلاط بالمحيطين به من جيران أو
أصدقاء. ومنذ أن خلق الله آدم لم يستطيع أن يعيش لوحده وخلق الله حواء لتكون مؤنسا
له في وحدته وتساعده في أمور الحياة المختلفة, وبعدها نشأت المجتمعات البشريه بأختلاف
عاداتها وتقاليدها وأديانها وقد يتعرض اﻷنسان لظروف تجعله يترك بيئته ومحل سكنه والمكان
الذي ولد ونشأ فيه وهو مكره على ذلك, تاركا وراءه والديه وأهله ومحبيه ويعيش في مكان
بعيد عنهم وحيدا حزينا ولا يأبه لكل وسائل الترف والتسليه والراحة في غربته مقارنة
مع شوقه وحنينه ﻷهله وبلده ,ولا يستطيع أصحابه الذين يأملون أن يعوضوه عن وحدته وغربته
أن يفلحوا في ذلك ﻷن الشوق والحنين يتجدد في القلب يوم بعد آخر. وكنت سابقا لا اؤمن
بالغربة ومعاناتها بحجة أن السفر لبلد متحضر متطور يجعل المغترب ينسى بلده ويعيش مطمأن
مرتاح البال, ولكن شاءت الظروف لكي تلقنني درسا لن أنساه عن
الغربه ومعاناتها وكأنها عقوبة لي على كلامي السابق وأعترف أمام كل شخص يقرأ كلماتي
هذه أني بكيت كثيرا وبحرارة شوقا لمدينتي وأهلي وأصدقائي الذين صارت مشاهدتهم حلما
لي أتمنى أن يتحقق وأن المغترب يشعر بالحزن الذي يبقى في القلب وعقلا مشغولا بمن يفكر
بهم ويتمنى أن يلتقي بهم بأقرب وقت وياليت أيام الغربة تمحى من حياة من ذاق لوعتها
وعاش في مرارتها ﻷنها قاسيه جدا.
هيثم حسين جاسم