قصة اجتثاث البعث في العراق
صدر هذا الكتاب بطبعته الاولى في العام 2012 للكاتب والصحفي الراحل احمد
المهنا، عن دار العالم للطباعة والنشر والتوزيع – بغداد، حيث كان هذا العنوان فيلم
وثائقي مدته (3 ساعات) انجز في اواسط عام 2007، وبثته قناة العربية اواسط نيسان
2008، ثم بعد ذلك بثته قناة السومرية بدءاً من 16 ايار حيث تزامن هذا التاريخ مع
الذكرى الخامسة لصدور (الامر رقم 1) الذي اقتضى بموجبه (اجتثاث) حزب البعث من
الحياة السياسية في العراق بعد 2003.
يضيف الكاتب في مقدمة كتابه عن سبب اصدار كتاب للفيلم الوثائقي هو التيسير
على الباحث او المعني او المهتم بقصة اجتثاث البعث في العراق، فالاقتناء و الوصول
الى الفكرة او المعلومة والتدقيق والمراجعة والتأمل أي (الفهم) اسهل في الكتاب عن
الفيلم.
ينقص الكتاب شيئين مهمين جداً الاول: هو خلو الكتاب من شهادات لممثل عن حزب
البعث، والثاني: خلو العمل (الفيلم والكتاب) من عينات لتأثيرات (الاجتثاث) على
افراد بعثيين، والسبب يعود الى انهم كانوا خائفين من ادلاء الشهادات التي قد تكون
السبب في نهاية حياتهم حتى وان كانوا اعضاء غير قياديين في حزب البعث او لم يدنسوا
جثث الابرياء بغية الوصول الى قمة الهرم، واستند الكتاب الى شهادات 26 شخص (بين
سياسيين ورجال دين واعلاميين وباحثين) وكان ابرزهم (الدكتور احمد الجلبي – رئيس
المؤتمر الوطني العراقي).
يتكون الكتاب من اربعة فصول، حيث يتألف الفصل الاول من المقدمة ونص القانون
و الردود الاولى بالنسبة للسياسيين بين مُرحب وبين رافض، وكذلك الامر رقم 2 وهو
الذي عرف بعبارة (حل الكيانات) حيث بموجبه تم حل 18 مؤسسة رسمية وشبه رسمية واهمها
الجيش.
ومن ابرز الاقتباسات التي وجدتها في الفصل الاول في الكتاب هو شهادة
الدكتور احمد الجلبي رئيس المؤتمر الوطني العراقي: (جاء بريمر وحل الجيش بدون استشارة،
عملية اجتثاث البعث عملنا عليها، لكن حل الجيش العراقي نحن لم نعمل عليه).
بينما نجد في الفصل الثاني شهادات من المتحدثين عن الملاحقة مدنياً اي (منع
البعثيون المشمولون بالاجتثاث من تولي المناصب او المسؤولية في منظمات المجتمع
المدني) وكذلك حالات من العنف بسبب عزل جزء كبير من المجتثين و بقاءهم بدون عمل
ولا رواتب، وايضاً وجود وثيقة نادرة عن المعارضة العراقية لاقرار العدالة في مرحلة
الانتقال من الديكتاتورية الى الديمقراطية حيث يمثل صياغة لمقررات مؤتمر صلاح
الدين الشهير الذي ضم كل التنظيمات والتيارات المتواجدة ضمن المعارضة العراقية.
اما في الفصل الثالث فنجد تذبذب في السياسات بالتعامل مع هيئة الاجتثاث بعد
تسلم العراقيين في ما سمي بالسيادة (حسب الكتاب) في نهاية حزيران 2004، وكذلك
يتحدث الكتاب عن هيكلية هيئة اجتثاث البعث واعمالها، وكذلك سلسلة من المطاعن حول
الهيئة و طرائق ادارتها والموظفين الذين يعملون فيها، وايضاً يتحدث الكتاب عن
البعث والدستور العراقي الجديد حيث كان الامر رقم 1 هو احد خمس نقاط خلافية اساسية
في مناقشات كتابة الدستور الدائم، وكذلك ايضاً يتحدث هذا الفصل عن الهيئة
والانتخابات.
اخيراً في الفصل الرابع نجد الازدواجية في عمل الهيئة، وكذلك و تغيير
الرئاسة في الهيئة، ويروي الكتاب في فصله الاخير عنوان (اجتثاث ام تنمية؟) حيث
يتسائل الكاتب (لعل سياسة الاجتثاث تشكل تنمية للبعث، فغالباً ما يأتي القمع
بنتائج عكسية؟)، وايضاً يتحدث عن الاجتثاث والمصالحة، وهل كان عمل الهيئة هو اداة
صراع ام لا، واخيراً وقبل الخاتمة نقرأ ابرز اقتباس في الكتاب عن نوري المالكي
لمؤتمر المصالحة المنعقد في 16-12-2006 حيث قال: (نحن نفرق تماماً بين البعثيين
الذين لم تتلطخ ايديهم بدماء ابناء شعبنا، واولئك الذين ارتكبو ابشع الجرائم بحق
العراقيين، ويواصلون اليوم سفك دماء الابرياء والاغتيالات وتفجير العبوات الناسفة
والسيارات المفخخة وتدمير البنى التحتية).
في الخاتمة، مالذي كان يجب ان يكون عليه موضوع (الامر رقم 1) هل هو تحقيق العدالة؟
أي معاقبة المجرمين وانصاف المظلومين؟ فمن البديهي ان يكون الجواب هو اعادة بناء
اجهزة العدالة الجنائية، فالعدالة هي مهمة القضاء، ولا عدالة دون قضاء آمن، قوي
ومستقل، لكن الوصول الى البديهيات تسبقه مسيرة طويلة، انها المسيرة التي يقطعها كل
شعب وكل انسان من الطفولة الى الرشد، والحكمة دائماً تأتي متأخرة، وهذا ان اتت
اصلا!!
فهد زهير مصطفى