آخر الأخبار

2016/03/28

بعـقوبة ...عاصمة العراق


ســرمــد الخالدي

العديد من الدول في العالم عانت عـواصمها من الكثافة السكانية بمرور الوقت كونها مركز جذب للهجرة الداخلية من باقي محافظات أو ولايات تلك الدولة وأبرزها الهجرة من الريف، خصوصاً إذا تغلبت المقومات الصناعية والتجارية على الزراعة، وبالتالي يبدأ السكان بالهجرة من ريفهم إلى مراكز المدن التي تتوفر فيها فرص أفضل للعمل، فتكون أولوية الاختيار للعاصمة لوفرة الفرص فيها.
مثال على إمكانية انتقال العواصم من مدينة لأخرى.. "تركيــا" ، يجهل الكثير من الناس إسم عاصمتها "أنقرة" حيث يعتقد الكثيرون أن عاصمتها "إسطنبول" بينما أصبحت أنقرة عاصمة لتركيا منذ عام 1932م . كذلك الحال مع إيران التي تفكر بنقل العاصمة من طهران إلى مكان آخر بسبب تعاظم الزخم السكاني بعد ما بلغ تعداد سكانها حوالي ثمانية ملايين ونصف المليون نسمة، حسب إحصاء 2006. هذا ما قد يحدث في العـراق، فبغداد العاصمة السياسية والتجارية للعـراق تعاني من كثافة سكانية متزايدة بشكل كبير ومستمر لأسباب طبيعية كحالات الولادة، وأسباب أخرى غير طبيعية كالهجرة من باقي المحافظات الأخرى التي تعاني من ضعفِ في الحركة الإقتصادية، أو بسبب تزايد أعداد النازحين بعد ما شهدت بعض محافظات وسط وشمالي العراق وضعاً أمنياً متردياً جداَ حيث وصل حـد هجرة سكانها منها إلى نسبة 80% كمحافظات الأنبار وصلاح الدين ومناطق من الموصل، كركوك وديالى. والعاصمة الحالية للعراق تعجز بنيتها التحتية تحمل هذا التزايد السكاني الفظيع فبغداد هي أصغر المحافظات من حيث المساحة 4,555كم2 رغم إن بنيتها التحتية هي الأكبر. ووصلت الكثافة السكانية إلى أكثر من 11,614 نسمة / كم2 بتعداد سكاني بلغ أكثر من سبعة ملايين ونصف المليون نسمة حسب إحصاءات عام 2014، فأصبحت عاصمة الرشيد تحوي ما يقارب مجموع ثلث سكان العراق. ومن السهل ملاحظة هذه المشكلة السكانية عند تجولك في شوارع بغداد خاصة في صباحات أيام الذروة كبداية أيام الأسبوع وفي أوقات دوام المدارس، الجامعات والدوائر الحكومية أو في الأعياد والمناسبات الأخرى حيث أنك تحتاج إلى ساعة أو أكثر لتقطع مسافة 20 دقيقة في محافظات الأخرى. وهذه أسباب كافية لتدفع الدولة العراقية للبحث عن عاصمة سياسية جديدة "بعـد تحسن الوضع الأمني والاقتصادي بالطبع"، ومحافظة ديالى هي صاحبة الحظ الأوفر لتكون البديل وبالأخص مركزها "بعقوبة" فأرضها سهلة ويشقها "نهر ديالى" وطقسها مناسب وكذلك التضاريس والمساحة كما إنها قريبة جداً لوسط العراق على الخارطة، بالإضافة إلى إن تكوينها الجغرافي مشابه لمدينة بغداد. فمن الممكن بناء بنية تحتية جديدة ومتكاملة من طرق وجسور ، شبكات مجاري صحية ،محطات كهربائية ،بنايات مخصصة لمؤسسات الدولة ،مجمعات سكنية وسكك حديدية بالإضافة إلى مطار. لتكون مدينة عصرية قادرة على استيعاب جذب السكان وتزايدهم لسنوات طويلة في مناطق ديالى. كما هو الحال في مصر التي بدأت ببناء عاصمة جديدة بديلة عن القاهرة، ومن المؤمل أن ينتهي بنائها بين عامي 2020 و2022 بتكلفة 45 مليار دولار لتتنقل العاصمة السياسية من القاهرة إلى العاصمة الجديدة.
قــد يتناول الموضوع رؤية مستقبلية هاربة من هذا الواقع المرير الذي نعيش فيه، ولا توجد أية مؤشرات لتحقيق ما ذكرته آنفاً بسبب الظلام الدامس الذي يعم على النفـق حيث يسير العراق فيــه.. لكن لابد أن يكون لهذا النفق نهاية.