آخر الأخبار

2021/11/14

وسائل الإعلام التفاعلي وتأثيرها على الاسرة والطفل

 اعداد طالب الماجستير:حسن علاء فاضل

مقدمة

ان وسائل الإعلام ولاسيما التفاعلية منها في ظل غياب الرقابة الذاتية والمؤسساتية قد تشكل خطرًا وتهديدًا على حياة الاطفال واسرهم اذ ما ينتج وينشر في غالبية  تلك الوسائل لا يصلح لمشاهدة الاطفال؛ لما يحمله من تأثيرات سلبية على سلوكياتهم وصحتهم النفسية والجسدية وعملية اندماجهم في المجتمع والتفاعل معه بالطرق السليمة، ان المشكلة الاكبر هي عدم معرفة الاباء والامهات بالمخاطر التي يتعرض لها اطفالهم نتيجة التعرض لتلك الوسائل باستمرار ومشاهدة المحتوى الضار، وما يلاحظ اليوم هو امتلاك الكثير من الاطفال لأجهزة الهاتف الذكي، وامكانية وصولهم لشبكة الانترنيت واهمال الاسرة لهم، مما زاد ذلك من الاثار السلبية الواقعة عليهم.

اولًا: الاثار السلبية لوسائل الإعلام التفاعلي على الاسرة والطفل

   ان عملية تربية الاطفال وتنشئتهم وتثقيفهم والحفاظ على قيمهم وسلوكياتهم السليمة مهمة تقع على عاتق الاسرة والمدرسة، إضافة إلى وسائل الإعلام التي من الممكن استخدامها كأداة تربوية وتعليمية لما تحمله من تأثير على الاسرة والاطفال، حيث  اظهر استطلاع للرأي أجرته جمعية أصدقاء الصحة النفسية القطرية، أن وسائل الإعلام تؤثر في سلوك الأطفال بنسبة 34%، يليها الوالدان بنسبة 32%، فالأصدقاء 20%، ثم المدرسة بنسبة 14%، وأوضحت الجمعية أن وسائل الإعلام لها آثارها السلبية في حياة الاطفال، ومن هذه الآثار انها تقدم مفاهيم عقائدية وفكرية مخالفة للفطرة، وتنمي مشاعر العدوانية و سلوك العنف وحب الجريمة والاستهانة بحقوق الآخرين ومشاعرهم، كما أنها تعيق عملية تطور قدرات الطفل، وتساهم في اضطراب النظام اليومي للطفل، وعدم التزامه بالأوقات المحددة للنوم بالإضافة إلى إصابته بالكثير من الأمراض الصحية ([1]).

ويعد الإدمان من أهم الآثار التي قد تشكل خطرًا على مستخدمي وسائل الإعلام الجديد وبالتحديد الشبكة الاجتماعية وقد تزايدت في الآونة الأخيرة البحوث النفسية التي تؤكد على أن الاستخدام المبالغ فيه لشبكات التواصل الاجتماعي عبر الإنترنت يسبب إدمانا نفسياً يشبه نوعاً ما في طبيعته الإدمان الذي يسببه التعاطي الزائد عن الحد للمخدرات والكحوليات([2]).

   وان الآثار السلوكية والأسرية لإدمان وسائل الإعلام والتقنية الحديثة يمكن تلخيصها بما يأتي([3]):

  1- تقليص العلاقة بين الطفل والأسـرة، بل واغتراب كل فرد في الأسـرة في عالمه الخاص بعيدًا عن الآخر.

 2- القضـاء على الكثير من النشاطات والفعاليات المهمـة للنمو المتوازن للطفل ، كاللعب الحقيقي الجماعي المشترك، وممارسة الرياضة ، والقراءة، والهوايات المفيدة .

 3- السهر وتغيير عادات النوم، واعتياد سلوكيات غذائية غير صحية في الوجبات والأطعمة والمشروبات.

 4- تعـرض الطفل بسبب الأوضاع السيئة فـي الجلوس والمتابعة لساعات طويلة يوميًا إلى أضرار صحية، مثل تشوهات العمود الفقري، وضعف البصر، والسمنة والبدانة

5- التعرض للإخفاق الدراسي، وضعف تطوير المهارات الدراسية، وتدني المستوى التحصيلي،  وقتل روح الإنتاج والإبداع لدى الطفل .

6- استنزاف طاقة الطفل الفكرية واستهلاكها، وشـحن ذاكرته بكل ما هو سلبي وغير مفيد.

 7- تمـرد الأطفـال وإصابتهـم بالغضب والعنف، عند محاولـة وضع حدود وضوابط لاستخدام وسائل الإعلام والتقنية الحديثة من قبل الوالدين، أو تحايل بعضهم لاستخدامها والدخـول إليها كالإنترنت مثلاً مـن دون علم الوالدين، أو تحديًا لهم.

ثانيًا : زيادة مخاطر تأثير وسائل الإعلام التفاعلي على الاطفال في ظل جائحة كوفيد 19

ان ظهور وتفشي جائحة كورونا (( كوفيد -19)) ادى الى زيادة استخدام الاطفال لوسائل الإعلام ومنها مواقع التواصل الاجتماعي وشبكة الانترنيت،  ويأتي ذلك نتيجة الاجراءات الوقائية المتبعة ضد الجائحة، حيث اغلاق المؤسسات التعليمية وبقاء الاطفال في المنازل والتعلم عن بعد من خلال الانترنيت، مما زاد ذلك من مخاطر تعرضهم للمحتوى العنيف او الاباحي المنتشر في  بعض وسائل الإعلام، ومن المؤكد ان ضعف الرقابة الاسرية وعدم متابعة الاطفال احد الاسباب التي تؤدي إلى زيادة تأثيرات محتوى هذه الوسائل على حياة الاطفال وتنشئتهم الاجتماعية.

وذكرت منظمة الامم المتحدة للطفولة ((اليونيسف))  في بيان صحفي نشر على موقعها في 15 ابريل 2020 تأثّر أكثر من 1.5 بليون طفل ويافع بإغلاق المدارس في جميع أنحاء العالم، وينخرط العديد من هؤلاء الطلاب حالياً في دروس إلى جانب أنشطة اجتماعية عبر شبكة الإنترنت، وقد يؤدي إمضاء وقت أكبر على المنصات الافتراضية إلى تعريض الأطفال إلى الاستغلال الجنسي والاستدراج عبر شبكة الإنترنت، في حين قد تؤدي زيادة الوقت غير المراقب على الإنترنت لتعريض الأطفال لمحتوى ضار وعنيف، إضافة إلى زيادة خطر تعرضهم للتنمر الرقمي([4]).

ومن  أثار التعرض للمـحـتـوى القائم على العـنـف في سلوك الاطفال الاتي([5]) :

1- في ألعاب الفيديو العنيفة يشـارك الطفل بنفسـه فـي العنف، بالقتل والضرب والتخريـب والتفجيـر والسـحق والخطف وغيـر ذلك، وربمـا كان ذلك بأداة تحكم على هيئة مسدس في يده، فتكون بمثابة تدريب شخصي فردي له.

2- إن الإدمان على مشـاهدة العنف يؤدي إلى تراكم المشـاعر العدوانية، والعزلة وقد يقود الطفل إلى خطر الانحراف نحو جانب العنف، ومعاداة المجتمع .

3- الإدمـان على ألعاب الفيديو العنيفة يؤدي أحياناً إلى إصابة الأطفال بتشنجات عصبية، تدل على توغل سمة العنف والتوتر الشديد في أوصالهم ودمائهم، حتى ربما يصل الأمر إلى أمراض الصرع الدماغي .

 4- بعـض الألعـاب تعتمد على أن قتل الشـرطة نوع من البطولة، بدلاً من أن ينشـأ الأطفال على حب النظام واحترام الشرطة، ورجال الأمن .

 5 - إدمان العنف يؤدي إلى تبلد إحسـاس الطفل تجاه ضحايا العنف، وعدم الشـعور بمعاناتهم.

واما أثـار الـتعـرض لـلمـحـتـوى الاباحي هي ([6]) :

1. إن مواقع الانترنت الإباحية، وألعاب الفيديو ذات المشاهد الخلاعية، والقنوات الفضائية الهابطة، تقتل البراءة في الأطفال، وتشـوش أفكارهم، وتشـوه جمال طفولتهم.

 2. إن تعرض الطفل للمحتوى الإباحي يؤثر سلبياً على شخصيته، ويوجـهـه نحو مناطـق تفكيـر أكبر من سـنه، لا يقـدر نموه العقلي على استيعابها، ويطلق بداخلـه نـوعـاً من الخلل والاضطراب، ويؤدي إلى الاغتراب بين الطفل وأسـرته ومجتمعه.

3. إن الطفل يتعلم السلوك الذي يشاهده، دون إدراك لصحة هذا السلوك أو خطئه، وحـتـى عندمـا يدرك خطأ هذا السلوك فإنه يختزن في العقـل الباطن، ويخرج عندما تتاح له ظروف خارجية محفزة .

 4. إن حب الاستطلاع لدى الطفل يتحول أحياناً إلى محاكاة وتقليد الشيء الذي شاهده.

ثالثًا : الدور الايجابي لوسائل الإعلام التفاعلي واهدافه اتجاه الاطفال والاسرة

ان وسائل الإعلام قد يكون لها دور ايجابي ومهم في تربية الاطفال وتثقيف الاسرة، اذا عملت على تحسين برامجها وتقديم رسائل إعلامية تناسب الاطفال وتلبي حاجاتهم واهتماماتهم و تساعد الاسرة في عملية التنشئة والتربية والتعليم، وهذا ما هو مفترض ان تقوم به الوسائل الإعلامية وخاصة التي توجه برامجها للأطفال لأنها كما ذكرت سابقًا يمكن استخدامها كأداة لتربية الاطفال.

وان وسائل الإعلام لها اهدف تعمل على تحقيقها اتجاه الاطفال، ومن أهم هذه الأهداف ([7]):

  1- إمتاع الطفل والترفيه عنه وتسليته وإشباع رغباته.

 2- إعلام الطفل بما يدور ويجري حوله في عالمنا الواسع ليواكب العصر ويعايش الأحداث، ويتابع أنباء الدنيا والعالم بقدر ما يستطيع وضمن اهتمامه.

 3- التعاون مع البيت والمدرسة في تعليم الطفل وزيادة معرفته، وتيسير برامج الدراسة عليه وتدريبه على الاستذكار وتلقي المعلومات.

٤ـ المساعدة على تربيته وتوجيهه للسلوك الطيب وتعويده على الأخلاق الحميدة، وتمثل القيم الإنسانية والسلوكية التي تجعل منه مواطناً صالحاً دون أن تلجأ إلى أسلوب الوعظ والإرشاد المباشر.

 5- الإسهام في تثقيفه ثقافة متنوعة، تتكون وفق البرامج التي تقدم بشكل فني يجمع بين المعرفة والمتعة والثقافة والتربية في مجالات شتى.

رابعًا: التفاعل الواعي للأسرة والطفل مع وسائل الإعلام التفاعلي

ان من الضروري ان تكون هناك قواعد تتبعها الاسرة في التفاعل مع هذه الوسائل، اذ هناك قواعـد عامـة لتوجيـه الأطفـال والاسرة للتفـاعـل الـواعـي مـع وسـائـل الإعلام وهذه القواعد هي ([8]) :

1- الاعتراف بوجود جوانب سلبية في وسائل الإعلام والتقنية الحديثة وأنها ليست خيراً محضاً. 

2- إدراك استحالة تجنب تعرض الأطفال لوسائل الإعلام والتقنية الحديثة بصورها المختلفة، بصفة مباشرة أو غير مباشرة .

 3- وجود قدر من الاتفاق بين الوالدين وأفراد الأسـرة في النظرة إلى وسـائل الإعلام والتقنية الحديثة، وفي أساليب التعامل معها.

4- وجود قدوة حسنة للأطفال، تكون مثالاً بسلوكها، في تفاعلها الواعي مع وسائل الإعلام والتقنية الحديثة.

5- بناء مهارة التفاعل الواعي مع وسـائل الإعلام والتقنية الحديثة من خلال ثلاثة جوانب متكاملة :

أ- الجانب المعرفي ( التفكير )

ب- الجانب الوجداني ( المشاعر والعواطف ).

ج- الجانب السلوكي ( الممارسة والتصرفات ).

المصادر والمراجع

(1   ([1]تقرير بعنوان "وسائل الإعلام اكثر تأثيرًا في الاطفال من الوالدين والمدرسة"، موقع الجزيرة نت، ينظر الى الموقع https://www.aljazeera.net/news/ ، تاريخ الزيارة 16 اكتوبر 2021، AM  :11:15.

([2]) عبيدة صبطي، الإعلام الجديد والمجتمع، ( مصر: المركز العربي للنشر والتوزيع، 2018م)، ص 73.

([3]) فهد عبد الرحمن الشميمري، التربية الإعلامية: كيف نتعامل مع الاعلام،( الرياض:  مؤسسة التربية الإعلامية، 2010م)، ص 265.

(([4] موقع منظمة الامم المتحدة للطفولة (( اليونيسف))، ينظر الى الموقع https://www.unicef.org/ar/ ، تاريخ الزيارة 16 اكتوبر 2021، PM :1:00.

([5]) فهد عبد الرحمن الشميمري، مصدر سابق، ص 263.  

(([6] فهد عبد الرحمن الشميمري، مصدر سابق، ص 264.

(([7] احمد حسن الخميسي، تربية الاطفال في وسائل الإعلام، ( حلب : دار الرفاعي للنشر، 2009م)، ص 11.

([8])  فهد عبد الرحمن الشميمري، مصدر سابق، ص 271.

هناك تعليقان (2):