اعداد طالب الماجستير: اباذر كامل عبد
العلاقة بين التربية والاعلام ليس بالجديد, فقد أصبح الاعلام محورا مهما من محاور العملية التعليمية ,بعد التطور التكنولوجي الهائل في وسائل الاتصال واصبح مظهرا متكامل بين الاعلام والتربية, وان الاسرة والمدرسة كانت هي المربي والمعلم قبل ظهور وسائل الاعلام وحتى بوجود وسائل الاعلام التقليد وقبل ثورة المعلومات والاتصال كانت الاسرة والمدرسة هي المسؤولة عن النشاءة الاجتماعية وتطوير الجيل الجديد اما بعد ظهور وسائل الاعلام وتكنلوجيا الاتصال اصبحت الاسرة والمدرسة لهم شريك ثالث يؤثر في هذا الجيل ونشاته وثقافته واتجاهاته وسلوكه وقد يكون هذا الثالث هو الاقوى بالتأثير حيث لا يقل دور المؤسسات الإعلامية عن دور الاسرة في التنشئة الاجتماعية للفرد، فالوقت الذي يقضيه الطفل أو الشاب وهو يتعرض لمضامين وسائل الإعلام لا يقل عن الوقت الذي يقضيه مع والديه واسرته، وتتكامل وظيفة التنشئة الاجتماعية بتكامل عمل المؤسسات الإعلامية ومؤسسة الأسرة، حيث تعمل وسائل الإعلام على نقل التراث والقيم والعادات والتقاليد إلى الناشئة وتعمل رفيقة مع الأسرة على التربية الجسمية والصحية للفرد، وكذا التربية الأخلاقية والنفسية والوجدانية والعقلية إضافة إلى التربية الاجتماعية والوطنية والاقتصادية كما لا تغفل أبدا عن التربية الدينية والترويح عن الناشئة. ([1])
التأثير الاعلامي ([2])
من خلال مناقشة أدوار
وسائل الإعلام والاتصال المتنوعة، وما يمكن أن تحدثه من تأثيرات غير مرغوب فيها في
قيم الأسرة تَوصلَ البحث إلى جملة توصيات لعـل أبرزها: ضرورة تحديد الأهداف
الإعلامية المطلوبة بدقة وتقسيمها مرحليـاً وزمنيـاً بحيث يشعر الناس بأن هناك
مشكلة مرتبطة بحياتهم وحياة أبنائهم وسلامتهم وسـلامة المجتمع وأمنه. اختيار أفضل
وسائل الاتصال وأشكاله والمعلومات الملائمة
لكل فئـة من فئات الجمهور المستهدف. إعداد المضامين الإعلامية والمعلوماتية
التي ستقدم من خلال وسائل الإعلام وأوعية المعلومات بأسلوب موضوعي ودقيق، وتكثيف
بـرامج الأسرة وطرح مضامينها بأسلوب عصري، والتعامل مع هذا الأمر بوصـفه مهـدداً
لقيمنا، ومراجعة المواد الإعلامية التي تهدد نظامنا القيمي، والتعامـل مـع الأسـرة
بوصفها كياناً مترابطاً وليس مجرد تجميع أفراد، وضرورة الجدولة الجيدة لمـضامين
النشاط الإعلامي بما يحقق الاستمرارية والاتساق والشمول والتنوع والتركيز.
ويقصد بالتأثير هو (التغير الذي يطرأ على مستقبل الرسالة الاعلامية) فبعد
ان تلفت الرسالة انباه الفرد ويدركها فأنها قد تضيف معلومات جديدة او تكون اتجاهات
او تعدل من اتجاهات وقد تجعل الفرد يتصرف بطرية جديدة فيعدل من سلوكه السابق).([3])
اما بالنسبة للتأثير على الاطفال فيقصد به :(ما يحدث على معلومات الاطفال
وممارستهم الحياتية وسلوكهم الاجتماعي من تغييرات ايجابية او سلبية نتيجة
مشاهداتهم لبرامج الاطفال. ولا يحدث التأثير دفعة واحدة بل هي حصيلة تراكم مستمر
وطويل , وهناك تأثيرات تحدثها وسائل الاعلام دون ان تكون قد استهدفت ذلك.
والتأثير يكون اما بصورة مباشرة او على مدى طويل ويكون في مجلات متعددة مثل
:
1- التأثير في المواقف والاتجاهات.
2- التأثير في المجال المعرفي.
3- التأثير في المجال السلوكي.
4- التأثير في المجال العاطفي.
حيث تشير جمعية أطباء الأطفال الأمريكية إلى أن التعرض لوسائل الاعلام
(التلفزيون، الأفلام، الفيديو، ([4])ألعاب الكمبيوتر،
والجرائد والمجلات والكتب والدعايات، والانترنت) يحمل معه السلبيات والايجابيات
على الأطفال والمراهقين وحتى البالغين. لكن التربية الاعلامية يمكن أن تقلل من
التأثيرات الضارة للأعلام. ومن الايجابيات المحتملة للأعلام اختيار البرامج
التلفزيونية ذات المغزى التعليمي ومقالات المجلات المحفزة للتفكير. أما السلبيات
فتكمن في تبني العنف ومحاكاة المشاهد الجنسية واستسهال تدخين السجائر وتعاطي
المسكرات والمخدرات وضعف التحصيل الدراسي وتعلم أساليب ارتكاب الجريمة والانحراف
وقلة الحركة والنشاط والترويج للمواد الغذائية الضارة بالصحة.
ومن
هنا تأتي أهمية التربية الاعلامية للأسرة للحد من التأثيرات الضارة لوسائل الاعلام
على الأطفال والمراهقين والبالغين من خلال تعليمهم الأساليب المثلى في التعامل مع
تلك الوسائل.([5])
دور
الاسرة في التربية الاعلامية
ويُجمل العلماء دور الأسرة في التربية
الاعلامية في الآتي: إدراك وفهم دور الاعلام في استخدام الرموز والصور التي تشكل
فهمنا عمن نكون فرديا وعلائقياً، تعلم الكيفية التي يمكن بها للأعلام التفاعلي أن
يشكل ويؤثر في النسيج الاجتماعي للمجتمع والحياة الانسانية، إظهار الاستخدام
الواعي والمسؤول للتقنية، استخدام التقنية كأدوات تساهم من خلالها الأسرة في تقديم
الأخبار المفيدة.
وعن دور الوالدين تقترح أكاديمية أطباء الأطفال الأمريكية على الوالدين
اتخاذ مجموعة من الخطوات للحد من التأثيرات السلبية لوسائل الاعلام منها: تشجيع الأبناء
على الاختيار الواعي والمسؤول للبرامج التي يشاهدونها، مشاركة الأبناء فيما يشاهدوه
او يسمعوه او يقروه في وسائل الاعلام المختلفة ومناقشتهم في ذلك، تعليم الأطفال
والمراهقين والبالغين مهارات النقد لما يشاهدون، تحديد الوقت المخصص لوسائل
الاعلام، لعب دور القدوة والنموذج في التعامل مع وسائل الاعلام أمام الأطفال من
خلال الاستخدام الأمثل لهذه الوسائل وتحديد أوقات التعامل مع وسائل الاعلام، تبني
نشاطات بديلة لوسائل الاعلام، خلق بيئة خالية من وسائل الإعلام الالكترونية في غرف
النوم، تجنب استخدام وسائل الاعلام كمربيات للأطفال من أجل التخلص من إزعاجاتهم،
تجنيب الأطفال الذين تقل أعمارهم عن سنتين من مشاهدة البرامج التلفزيونية قدر
الإمكان.
ان مجتمعاتنا
العربية يجب ان تحذر من تلك الغزوة
الثقافية التي هي هدفها الاول الربح المادي بغض النظر عن المحتوى الذي تطرحه حتى
لو كان يتنافى مع القيم السائدة في المجتمع وهناك برامج تظهر في التلفزيون ومن ضمنها
برامج عربية لا تتناسب ابدا مع ثقافة مجتمعنا وان قنوات تلفزيونية مخصصة للأطفال
تعرض افلام كارتون فيها من العنف والقسوة وعدم الاحترام للأسرة والاب والام وعرض صورة
سلبية للقيم العائلية التي من المفروض ان يتربا الطفل عليها وان بعض افلام
الكارتون فيها اشارة الى الماسونية بظهور العين التي هي رمز لها في كثير من
اللقطات في هذا المحتوى الكارتوني , ناهيك عن البرامج التي تعرض بقنوات التواصل
الاجتماعي مثل الفيس بوك والتكتك , وما يعرض في اليوتيوب من افلام وبعضها كارتوني
فيه إيحاءات جنسية ومخلة بالآداب واضافة الى بعض التطبيقات التي هي عبارة عن العاب
ينزلها الطفل والمراهق على جهاز الموبايل قد توي احيانا الى الانتحار مثل ما حصل
في لعبة مريم والحوت الازرق, ان العالم الرقمي التفاعلي قد غزى بيوتنا واسرنا
واصبح الطفل مدمن على اجهزة الموبايل وقد خلق عند بعض الاطفال العزلة عن المجتمع ,ويصاب بمرض التوحد بسبب كثرت
التعرض تلك الاجهزة والبرامج التي لا حصر
لها والتي يكون بعضها يهدد تفكير الطفل ويخلق لديه العدوانية ضد المجتمع وحتى ضد
اسرته , ناهيك عن سوء استخدامه بفتح الكامرة وتصوير العائلة ونقل ما يحدث في البيت
الى كل بيت بواسطة بث هذا التصوير على شبكة النت وبرامجها المتعددة بدون قصد او
جهل من عواقبه على الاسرة .
لذلك على الوالدين أن يتدخلا فيما يشاهده الأطفال من
برامج في التلفزيون والانترنت وألعاب الكمبيوتر والمجلات وغيرها من وسائل الاعلام.
ولكن هذا لا يمثل سوى خطوة واحدة في مساعدة وسائل الإعلام على لعب دور إيجابي في
حياة الأطفال لأنها تحيط بنا من كل جانب وليس بالإمكان تجنبها في كل الأوقات. لذلك
لابد من فلترة وسائل الإعلام وتطوير مهارات التساؤل حول تلك الرسائل وتحليلها
وتقييمها في مناخ غير قمعي يسمح بالحوار والشفافية والمصارحة بين الطفل ووالديه.
من هذا يجب على
الاسرة والمدرسة ووسائل الاعلام المختلفة في بلداننا ان تكون حصن منيع ضد هذه البرامج
, بطريقة التوعية العامة والخاصة وتسعى
الى تربية الجيل الجديد تربية علمية صحيحة
تناسب القيم والاخلاق التي تربينا عليها .وان نكون ثقافة اعلامية نتعلم من وسائل
الاعلام كيف نستخدمها ويستخدمها اطفالنا وما هو السموح وما هو الغير ذلك وان يكون
هناك فترات توقف عن التعرض لهذه الوسائل وبالخروج من المنزل التنزه اللعب زيارة
الاقارب او الاصدقاء و الاختلاط من في هم في عمره واشغاله الاطفال في مهرات معينة
لكي يبتعدوا قليلا عن العالم الافتراضي ويدخلوا العالم الواقعي.
المراجع
[1] -
بشرى حسين الحمداني ,التربية الاعلامية
ومحو الامية ,(عمان :دار وائل للنشر ,2015),ص3.
[2] - محمد خليل الرفاعي, دور الإعلام في العصر الرقمي في تشكيل قيم الأسرة العربية, مجلة جامعة دمشق ,مج27, ع1, 2011.
[3] -
أسمى نوري صالح, دور برامج الاطفال في القنوات الفضائية العربية المتخصصة ,(عمان :دار
غيداء للنشر والتوزيع,2015), ص39.
[4] -
عبد الله محمد الفوزان ,كيف تحد الاسرة من خطورة الاعلام على الاطفال , ( عكاظ ,
19 نيسان 2007)
[5] -
الاتحاد, الآسرة تلعب دور
مهماً في التفاعل مع وسائل الإعلام , متاح على https://www.alittihad.ae/article,
(تمت
المشاهدة في 16 تشرين الثاني 2021م.)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق