دنيا خليل
ابراهيم
فهد زهير
صوتها يخترق كل
الحواجز والحدود المكانية والزمانية ليستقر في القلوب , صوت كبُرنا معه فصار جزءا" من حياتنا ماضيها
وحاضرها ننتظره كل صباح كما شروق الشمس المبدد لظلمة الليل , هو صوتها الباعث للمحبة
والسعادة والامل قيثارة وادي الرافدين وصدى الحضارات العريقة 0
دخلت عالم الاذاعة في العالم 1962 وكانت لا
تزال في مرحلة الاعدادية ورغم صغر سنها الا انها نجحت في اختبارات الاذاعة لتصبح
اصغر اذاعية آنذاك , منطلقة في سلسلة من
النجاحات الاذاعية والتلفزيونية من خلال كل ما قدمته من برامج هادفة وموضوعات شيقة 0
نالت العديد من الجوائز والتكريمات واهمها (لقب امرأة العام ) من قبل منظمة انسانية
بريطانية تعنى بشؤون المرأة وكانت هي المرأة العربية العراقية الوحيدة التي نالت
تلك الجائزة 0
الاذاعية المخضرمة القديرة والمبدعة
دائما" امل المدرس تشرفنا وسعدنا بلقائها فكان لنا معها هذا الحوار
بعد سنوات طويلة من العمل الاذاعي المطرز بالأبداع
والتميز استمر لأكثر من 48 عاما" نسألها عن سر نجاحها وتألقها فتجيب :
احببت عملي بشكل غير طبيعي وما زلت حتى بعد
مرور كل تلك السنين
ويعود بي سؤالكم الى بداياتي في مجال العمل
الاذاعي , حيث تم الاعلان عن الحاجة لأصوات تعمل في الاذاعة والتلفزيون فتقدمت
لتلك الوظيفة مع اني كنت طالبة في المرحلة الاعدادية وليس لدي اي معلومات ومعرفة
عن التلفزيون والاذاعة وكيفية عمل تلك التقنيات ومتطلباتها .
وبينما واقفة بين جموع المتقدمين للعمل
شاهدني السيد عبد الجبار ولي مدير البرامج للإذاعة والتلفزيون حينها فقدم لي جريدة
وطلب مني قراءتها وما ان انهيت قراءتي لبعض السطور حتى امر بتعييني بأجور يومية
حتى بلوغ السن القانوني للتعيين الامر الذي استوجب موافقة الاهل لأكون بعدها اصغر
مذيعة في اذاعة بغداد .
وبعد انقطاع عن العمل دام لسنوات بسبب تعرضها
لحادث ارهابي عام 2007 كاد ان يودي بحياتها رفضت العودة كونها متوجسة من ان
المستمع قد لا يتقبلها كما في السابق الا ان اصرار زملائها ورفقاء دربها علاء محسن
وسميرة جياد كان له الدور الكبير في عودتها طائرا مغردا في فضاء الاذاعة كما ان
اخلاص جمهورها وتفاعلهم الرائع اسعدها ولامس مشاعر قلبها الرقيق .
وعن استفهامنا لدور الاذاعة وفعاليتها بين الماضي والحاضر
فضلت لو اننا سألنا محبي الاذاعة كونها
تجاوزت مرحلة الحب الشديد للإذاعة فصارت
عنصرية ومنحازة لها
اخذتنا المدرس الى شواطئ ذاكرتها الجميلة
فتقول :
كانت
اذاعة بغداد هي الوحيدة في وقتها والتي كان فيها قسم واحد وهو قسم التمثيليات
والبرامج الخاصة , وكيف كان يتم اخراج برامج رائعة وهادفة للمستمع برغم صعوبة
العمل والتواصل بين الاذاعة والمستمع , والذي
كان بدوره حريصا" ملتزما" بمراسلته للبرامج الاذاعية ويظل متابعا"
طيلة الفترة التي تستغرقها رسائله حتى تصل ويتم بثها وسماعها من قبله , واشعر ان
الاذاعة وقتها كانت قريبة جدا من المستمع وتأثيرها اكبر بسبب قلتها وجودتها
العالية ومتابعها جيد ومميز , بينما اليوم صار للمستمع او المشاهد الحصول على كل
ما يريد من برامج ومعلومات بسهولة وسرعة كبيرة من خلال قنوات التواصل العديدة التي
ولدت التفكك والتشتيت للمستمعين الامر الذي اثر على جودة بعض البرامج وعشوائيتها
في تقديم وطرح افكارها وآرائها احيانا"
غير ان في خضم هذا الكم الكبير من القنوات
والبرامج بالتأكيد هناك حضور قوي واهداف واضحة واصوات وشخصيات جيدة استطاعت اثبات
مواقفها ومراكزها والسير في الطريق الصحيح .
تجربتها التلفزيونية تعود بنا الى فترة
الستينيات والسبعينيات فتقول :
قرأت
العديد من نشرات الاخبار التلفزيونية
نهاية الستينيات عندما كانت بناية الاذاعة والتلفزيون ( البنكلة ).
( في عام 1956 احضرت شركة ( باي ) البريطانية للمشاركة في المعرض
البريطاني التجاري في منطقة كرادة مريم ببغداد وكان من ضمن معروضاتها منظومة بث
تلفزيوني باللونين الاسود والابيض من ستوديو تلفزيون مما شد انتباه جلالة الملك
فيصل الثاني الذي افتتح المعرض وطلب شراء المعدات من الشركة ونصبها في موقع
الاذاعة في البنكلة التي صارت مقر تلفزيون بغداد اقدم محطة تلفزيونية في الشرق
الاوسط والوطن العربي ).
ومن البرامج التلفزيونية التي قدمتها في فترة
السبعينيات كان برنامج ( نفطنا لنا ) مضمونه يسلط الضوء على تأميم النفط حيث كانت
وزارة النفط هي التي تقوم بأعداد برامجها من خلال قسم الاعلام وكان هذا حال العديد
من الوزارات , ويتم ارسال هذه البرامج مع مسؤولين ليشرفوا على تقديمها واخراجها
وبثها , واستمر بث برنامج نفطنا لنا من 2 – 3 سنوات .
اما برنامج ( عشر دقائق ) والذي كنت مقدمته
فقط بعد ذلك صار من اعدادي وتقديمي كان بمثابة المنفذ الوحيد للمشاهد على العالم
الخارجي حيث يعرض من خلاله فعاليات الشعوب ونشاطاتهم والعروض المختلفة كعروض
الازياء التي اخذت حيزا" كبيرا" لدى المتلقي غير ان وقت اذاعته مقتصرة
على العشر دقائق فتم بعد ذلك تغيير تسميته الى ( نافذة حول العالم ) واصبح
مفتوحا" وخصصت حلقات منه في ايام الاعياد يستمر وقت الحلقة ساعة كاملة 0
وفي الثمانينات عدت الى قراءة نشرات الاخبار
اضافة الى تقديم برامج عديدة منها ( نفائس عراقية ) الذي سلط الضوء على النفائس
المتمثلة بمراقد الائمة سلام الله عليهم والمساجد والجوامع والكنائس والبنايات
والاسواق الحرفية ( كسوق الصفافير ).
ومن خلال تقديمي لتلك البرامج كنت اتحرى
الموازنة والحيادية وتقديم الجميع وهذا هو المطلوب من الاعلام .
بحلاوة حديثها ورقة اسلوبها لا نستطيع
الاكتفاء نعود فنسالها عن مشاركاتها التمثيلية الاذاعية , لتفتح
معنا رسائل المستمعين وتقول :
لقد كان في رسائل المستمعين بكل ما تحوية من
مشاكلهم قصصهم اهتماماتهم مادة ممتازة لتقديم برنامج ( من حياتي ) حيث تبث محتويات
هذه الرسائل على هيئة مسامع تمثيلية وراوية وكنت اقوم بدور الراوية للقصة اضافة
الى مسامع تمثيلية تؤديها زميلاتي ( منى البصري ) ( خولة رجب ) وغيرهن .
اعمال مميزة وابداع متواصل استوجبت التقدير
والتكريم حدثنا ضيفتنا الكريمة عنها :
حصلت على جائزة ( امرأة عام 2004) من قبل منظمة انسانية بريطانية وكانت هذه
الجائزة سنوية تمنح لأمراه يتم اختيارها من بلد معين خاصة بالدول الاوربية
وبريطانيا .
ثم حصلت على جائزة ( مذيعة القرن ) التي منحت
عن طريق استفتاء شعبي قامت به اذاعة الشباب 1999 – 2000 وكان هذا تكريما" من جهة منافسة بالعمل
الاعلامي .
وختامها مسك مع جائزة ( افضل اعلامية عراقية
) التي قدمتها جامعة الدول العربية والتي كانت عبارة عن كتاب وشهادة تقديرية ودرع
.
ومن خبرتها وثقافتها يحق لنا طلب النصيحة
والتوجيه فأخذت بأيدينا وقالت :
نصيحتي للمذيعين بشكل عام والمذيعات بشكل خاص
عدم الاسفاف مع المستمع الامر الذي يؤدي الى فقدان الخط والهالة الموجودة لدى
المستمع عن الاذاعة كون ان للمستمع عالم خاص من التصور والخيال عن الانسان الذي
يتواصل مع صوته فقط عبر اثير الاذاعة
فالحذر من هذا الاسفاف سواء كان البرنامج مباشر على الهوا او برنامج تسجيلي
كونه سيكون سيفا قاطعا لطريق نجاحك .
وعلى المستوى الاكاديمي فأن العمل الميداني
والتدريب على استخدام الامكانيات والادوات الاعلامية اثناء دراسته الاكاديمية يخلق اعلاميا
مميزا"
واخيرا" اذا اردت النجاح في عملك
كأعلامي ليكن الحب والاحترام والاخلاص لعملك هو المنهج والطريق .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق