آخر الأخبار

2016/03/25

بغدادي..


19/3/2003 تاريخ محفور في قلوبنا ،، لن ننساة


اذكر هذا اليوم كما لو كان البارحة،كنا انا وزوجي نائمين والاولاد في غرفهم نائمين والبيت يعمه السكون،هدوء ما قبل العاصفة.ففي ساعات الفجر الاولى انفجرت صافرات الانذار معلنة عن وصول العدو لبغداد فأستيقضنا انا وزوجي مفزوعين غير مدركين للوضع اسرعنا لغرف الاولاد فوجدناهم مصدومين بدون دمعة واحده في اعينهم فهم اطفال لم يعرفوا ما هذه الاصوات المرعبة اخذتهم الى غرفة في نهاية المنزل ذات شباك واحد بدت لي امنة ان ذاك خوفا من القصف الجوي .
كان زوجي يحوم في البيت مسرعا ليغلق الشبابيك واقفل الابواب وجلس امامي ولم ينطق كلمة واحده فنظرته تكفي ،،كنت احتضن اولادي واحاول تهدئتهم وتهدئة نفسي انا معهم .استمر الوضع هكذا لعدة ساعات ثم جاء صمت غريب سمعنا بعدها اطلاق نار في الشارع..لم نخرج ابدا من المنزل يومها
مرت الايام وليتها لم تمر ..فبعد اسبوعين بالضبط استيقضنا على صوت دوي الانفجارات والصورايخ واذا بزوجي يهرع للاولاد ويغطيهم ب(بطانية)وقال لي (هدئيهم وسدي اذانهم)كان مفزوع اكثر مني ومن الاولاد  ويحاول ان يفتح الشباك ليرى ما في الخارج من دمار .كنت اقول في قلبي (راحت بغداد..راحت بغداد)بكل حسرة.
مرت خمس عشر عاما على هذا اليوم ولكن حياتي توقفت عندة ،استيقضت من نومي على صوت احد اولادي  قال لي بأنة ذاهب الى الجامعة
خرجت الى حديقتي الخضراء بمساعدة الخادمة وأنا افكر بقراري بالسفر الى اوربا وترك وطني وكم انا نادمة لهذا القرار ولكنها جائت تحت ضغط اكبر اولادي بعد وفاة زوجي ولم يبقى غير الدمار والدم في بلدنا فأضطررت الى السفر.رحت اذكر بغدادي التي لم تفارق ذهني كم هي جميلة بغداد بناساها وطبيعتها وتفاصيلها ورائحتها المميزه لازالت عالقه في ذهني وزوجي حبيبي الذي تركته وحيدا هناك تحت الثرى .
ادركني المرض ولم ادر كم تبقى من عمري من ايام كانت وصيتي لاولادي بأن ادفن بجانب زوجي في العراق.
ها انا على فراش الموت حولي اولادي واحفادي نضرت الى الاعلى ورأيت نور وزوجي يطلب مني القدوم معه..يا الله ما هذا المنظر العجيب ..فألتفت الى ابني واخر كلمة مني كانت "بغداد هي الجنة"
يمكنكم ان تحرموا الناس من وطنهم وتشوهوا صورته في اعينهم لكنكم لن تحرموهم من جنتهم فجنة الناس هي وطنهم  .


فرح ياسر سلمان

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق