بقلم سامر المعاني – الاردن
صوتٌ مزيف يختلس مني الثقة بالوصول خلف
زوايا الصخب الساكن خلفي وحول نظراتي المرتبكة, في عتمةِ الطريق وشدّة الريح .
دخلتُ البيت بزفير احتبس في صمتي الخائف
باحثا عن فرار من تلك اللوحات الداكنة أثناء عودتي من السوق البعيد حتى بيتنا .
توجهتُ إلى غرفتي العتيقة. كان أول ما شعرت
به وأنا ادخل البيت بأنني في حالة ارتعاش من
شدّةِ البردِ بعدما كانت وحشة الطريق هي المسيطرة
على حالتي , أشعلت المدفأة وصنعت فنجان من
القهوة علماً بأن كلّ من في البيت بصحبة النوم منذ ساعات , أنهيت صنع القهوة والبرد
يجمد العروق وأنا انتظر ليبدأ مشواري والذكريات
في هذا المساء الصاخب.
في غرفتي قصص وذكريات وأسرار وحكايات فهي شاهدة على
كل أبجدياتي .
جلستُ على مقعدي وكالعادة ترافقني سجائري
وقهوتي والموسيقى ... والحنين لطقوس السمر العتيق. وأنا أفتشُ عن بداية الرحلة بين
أوراقي الملّونة كما هي الحياة .
وما إن مددتُ يدي إليها حتى انقطع النور
بغتة و انحجبت الرؤيا تماماً , تنهدتْ ورحلتي في حروف الذكريات وتهاديتُ إلى فراشي
,واستلقيت ملتحفاً بأغطيتي ببعض من التأفف والانزعاج وما إن غمرتني أفكاري حتى شاهدتُ
وشاحاً أبيضَ يظهر من النافذة ,
أتمتمُ في سري .. (بالتأكيد ليسَ بزوغْ
الفجرِ) نهضت من فراشي على عجلٍ التمسُ طريقي . عثرات متسلسلة حتى وصلتُ النافذة وإذ
به الثلجِ ..
نعم انهُ الثلج الذي أراهُ لأولِ مرةٍ في
حياتي حيثُ بلدتنا الزراعية منخفضة ومواعيدها مع الزائر الأبيض نادرة جداً .
فَرحتي العارمة أسدلت مع انقطاع التيار
الكهربائي الذي جعلني أعود إلى مكاني حتى الفجر
.
أحكمَ سلطانُ النّوم قبضته عليّ حتى الصباح
, فاستيقظتُ مُسرعاً ورميتُ كلَّ أغطيتي جانباً ومضيتُ إلى النافذةِ,
فالحالة استثنائية الوقع والجمال .
وعندما فتحت النافذة كانت رعشة كانون اقل وقعا حيث المطر الغزير قد أذاب كل
شيء. وبغتة نظرت حولي وإذ بها الصدمة , تتلاطم
النظرات حولي بأسف ومرارة, وانين الآهات يريد
أن يتفجر بألف آه وحسرة , فالقهوة التي حضّرتُها
أثناء الليل أذابت وبعثرت كل أوراقي ومذكراتي,
وكأنها دماء تنزف من وريدي بلون القهوة السوداء
.
لتسافرُ مع الريحِ رحلةً من غير عودةٍ .!!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق