آخر الأخبار

2018/11/14

((عَـتمُ الطريق))


بقلم سامر المعاني – الاردن


صوتٌ مزيف يختلس مني الثقة بالوصول خلف زوايا الصخب الساكن خلفي وحول نظراتي المرتبكة, في عتمةِ الطريق وشدّة الريح  .
دخلتُ البيت بزفير احتبس في صمتي الخائف باحثا عن فرار من تلك اللوحات الداكنة أثناء عودتي من السوق البعيد حتى بيتنا .
توجهتُ إلى غرفتي العتيقة. كان أول ما شعرت به وأنا ادخل البيت بأنني في حالة ارتعاش  من شدّةِ البردِ  بعدما كانت وحشة الطريق هي المسيطرة على حالتي , أشعلت المدفأة وصنعت فنجان  من القهوة علماً بأن كلّ من في البيت بصحبة النوم منذ ساعات , أنهيت صنع القهوة والبرد يجمد العروق وأنا انتظر  ليبدأ مشواري والذكريات في هذا المساء  الصاخب. 
 في غرفتي قصص وذكريات وأسرار وحكايات فهي شاهدة على كل أبجدياتي .
جلستُ على مقعدي وكالعادة ترافقني سجائري وقهوتي والموسيقى ... والحنين لطقوس السمر العتيق. وأنا أفتشُ عن بداية الرحلة بين أوراقي الملّونة كما هي الحياة .
وما إن مددتُ يدي إليها حتى انقطع النور بغتة و انحجبت الرؤيا تماماً , تنهدتْ ورحلتي في حروف الذكريات وتهاديتُ إلى فراشي ,واستلقيت ملتحفاً بأغطيتي ببعض من التأفف والانزعاج وما إن غمرتني أفكاري حتى شاهدتُ وشاحاً أبيضَ يظهر من النافذة ,



أتمتمُ في سري .. (بالتأكيد ليسَ بزوغْ الفجرِ) نهضت من فراشي على عجلٍ التمسُ طريقي . عثرات متسلسلة حتى وصلتُ النافذة وإذ به الثلجِ ..
نعم انهُ الثلج الذي أراهُ لأولِ مرةٍ في حياتي حيثُ بلدتنا الزراعية منخفضة ومواعيدها مع الزائر الأبيض نادرة جداً .
فَرحتي العارمة أسدلت مع انقطاع التيار الكهربائي الذي جعلني أعود إلى مكاني حتى الفجر  .
أحكمَ سلطانُ النّوم قبضته عليّ حتى الصباح , فاستيقظتُ مُسرعاً ورميتُ كلَّ أغطيتي جانباً ومضيتُ  إلى النافذةِ,  فالحالة استثنائية الوقع والجمال .
وعندما فتحت النافذة كانت  رعشة كانون اقل وقعا حيث المطر الغزير قد أذاب كل شيء.  وبغتة نظرت حولي وإذ بها الصدمة , تتلاطم النظرات حولي بأسف ومرارة,   وانين الآهات يريد أن يتفجر بألف آه وحسرة , فالقهوة  التي حضّرتُها أثناء الليل أذابت وبعثرت  كل أوراقي ومذكراتي, وكأنها دماء تنزف من وريدي بلون القهوة السوداء  .
         لتسافرُ مع الريحِ رحلةً من غير عودةٍ  .!!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق