دنيا خليل ابراهيم
في وقت يعيش فيه المجتمع العراقي العديد من
المشكلات والظواهر المتعددة والقيم الغريبة الوافدة من خارج الحدود , وبين ظروف
حرب ونزوح وفساد , يُطرح تعديل قانون الاحوال الشخصية الذي يلقي
بالقضايا المدنية بين آراء المرجعيات
واختلاف المذاهب الدينية المتعددة.
فندخل في دوامة من مشاكل جديدة واستفهامات عديدة
حول :
ميراث المرأة , حضانة الاولاد , حالات الطلاق
, والنفقة على الزوجة , شرعنة الزيجات الواقعة خارج نطاق المحكمة , والاختلاف
الكبير حول سن البلوغ للفتاة وتهيأتها للزواج , وكيفية اختيار المذهب الانسب في
حالة عقد الزواج بين مذهبين مختلفين 0000 وغيرها من القضايا .
ما الهدف من هذه التعديلات ؟ وما مصدرها ؟ سلبياتها
ايجابياتها ؟
المجتمع العراقي ...الى اين ؟
قوانين رجعية وتكريس للطائفية
يعتقد الدكتور فاضل محمد البدراني استاذ الفنون الصحفية في كلية الاعلام – الجامعة العراقية ان موضوع تعديلات قانون الاحوال الشخصية هو قانون مُسيس ورجعي يكرس الطائفية ويقينا" ان الجهات التي قامت بتشريع ومحاولة فرض هذا القانون تستهدف تكريس الطائفية بشكل دائم وتريد ان تتشبث بالسلطة من خلال هذه التشريعات والقوانين والاجراءات الطائفية برغم من وجود اصوات متقدمة في البرلمان انتقدت هذا القانون0
واوضح البدراني ان النتيجة تتمثل بتمحور المجتمع العراقي ضمن هذا القانون حول ما يخص السنة وما يخص الشيعة وغيرها من المذاهب الأخرى .
ويؤكد انه اذا كان هناك من اجراءات للتخلص من الطائفية احدى الافكار التي غرسها المحتل وبعض الجهات الدينية المُسيسة فيجب رفض هذه التعديلات والمقترحات الرجعية لأنها ان طبُقت سوف تنسف وحدة الوطن وتشتت أبناؤه .
كما ويضيف ان كان للعراقيين من دور وللصحافة فيجب الاستمرار في محاربة مثل هكذا تشريعات تنم عن تخلف وجهل وتنم عن محاولات الدينية المسيسة لأبقاء العراق في وضع شاذ ويضع الفروقات بين العراقيين على اساس المذهب وهذه اجراءات مرفوضة ونشاز لا تساعد العراقيين على التقدم او الخروج من الطائفية التي تمحوروا بها خلال 14 سنة .
مخاطبة سايكولوجيا الجماهير لأغراض انتخابية
دكتور زياد الصميدعي عميد كلية القانون – الجامعة العراقية سابقا يوضح
انه يحق للمسلمين الخاضعين لهذه التعديلات المقترحة لقانون الاحوال الشخصية ان يحتكموا او ان يطلبوا من القاضي الاحتكام الى مبادئ المذهب الذي يعتنقوه وفي هذه الحالة على القاضي ان يرسل الى ديوان الوقف الشيعي او ديوان الوقف السني , كما ويجوز للزوجة ان تشترط على زوجها توكيلها بالطلاق فيما لو تعرضت الى الضرر وهضم الحقوق ,اضافة الى جواز سكن الوالدين مع الزوجة مالم يكن هنالك ضرر, وكذلك زواج الفتيات القاصرات والذي تتباين فيه اراء المذاهب في تحديد سن البلوغ لدى المرأة , كما وان هذا القانون سوف يشرعن بعض الزيجات المختلف عليها فقهياً مثل الزواج العرفي والزواج خارج نطاق المحكمة والتي تعتبر في نظر الاخرين زيجات فاسدة .
ويؤكد الصميدعي ان تطبيق هذا التعديل يجعلنا في مأزق كبير واثارة لمشاكل اجتماعية عديدة ويقود الى عدم الاستقرار , اضافة الى ان هذا القانون يتعارض مع القانون المدني العراقي الذي اعتبر مسائل الاحوال الشخصية ضمن النظام العام ولا يجوز الاتفاق على مخالفته وان اي قانون من القوانين لابد ان ينسجم مع وحدة المنظومة القانونية في الدولة .
كما بين ان قانون الاحوال الشخصية الحالي هو القانون الوحيد من قوانين الدول العربية الذي لحمته وسداه من الشريعة الاسلامية بأختيار اراء من مذاهب مختلفة تنسجم مع الواقع الاجتماعي .
ويعتقد الصميدعي ان طرح هذا العديل في الوقت الواهن هو توظيف للعاطفة الدينية وفقا" لسايكولوجيا الخطاب للانتخابات القادمة وطارحاً تساؤلاً :
انه كيف نتمكن من المطالبة بقانون جديد لنبذ الطائفية وجريمة ازدراء الاديان وبنفس الوقت نصدر قانون تطبيق المذاهب ؟
ان هذا التعديل برأي الصميدعي ان حدث وتم تطبيقه يعتبر اكبر ضربة للنظام القانوني في العراق على اعتبار ان الجانب الاجتماعي هو اثر تطبيق القانون في البلاد .
قانون تفتيت النسيج الاجتماعي
دكتورة سحر كاظم نجم استاذة الخدمة الاجتماعية – قسم علم الاجتماع – كلية الاداب – جامعة بغداد توضح ان قانون الاحوال الشخصية اذا ما احيل بالتطبيق للأوقاف وكلٌ حسب مذهبه , اجتماعيا نحن نفتت وحدة النسيج الاجتماعي وبعد ان كان قانون (188) موحداً لكل المذاهب يصبح لرجل الدين وفقاً للتعديلات المقترحة السطوة المشرعنة على رقاب الفتيات الصغيرات .
مستفهمِة عن المسؤول قانوناً عن تحديد مصير الطفلة فيما لو حدث الطلاق ؟
وعن الانجاز الاقتصادي الذي يمكن ان يجنيه المجتمع من تعطيل نصف طاقاته وزيادة مشاكله ونحن في مرحلة بالغة الاهمية بالبناء والنهوض بعد الخروج من حلقة الدم والارهاب ؟
وكيفية حماية الحقوق المدنية للمرأة والطفل مستقبلاً اذا تم تبديل المحكمة المدنية بالاوقاف اذ ان تسجيل عقود الزواج كما محدد يكون بمحكمة تفرض على الطرفين وفق المسؤولية العقلية والنفسية والجزائية كل الحقوق والواجبات ؟
وتذكرانه برغم لم نسمع لرجل الدين كمرجعية الا اننا نجد الكلام والثورة الدفاعية كلها لرجال السياسة الذين لم نجد بينهم اي قانوني متخصص , بدليل انهم لايجرؤن على الدفاع عن القانون بحجج قانونية سوى التحايل بأغطية شرعية واهية تنطلي على البسطاء من الناس .
وفي هذا الاطار بينت عن اعجابها بتساؤلات مطروحة من قبِل احدى السيدات فيما
هل يجوز للفتيات القاصرات التعيين في دوائر الدولة ؟
وهل يجوزان تزوج نفسها او ان تنفصل عن اهلها اذا كانت كاملة الاهلية والقانونية ؟
وشر البلية ما يضحك .
الغاء دور القانون والقضاء
دكتورة جبرة الطائي اكاديمية في جامعة بغداد وناشطة في منظمات المجتمع المدني , تؤكد ان التعديلات المقترحة في قانون الاحوال الشخصية هي ليست تعديلات لان التعديل هو ما يدفع بالشيء الى الامام ونحن بهذه المقترحات نكون قد رجعنا خطوات الى الوراء لما فيها من اجحاف للمرأة وتفكيك للروابط الاسرية والاجتماعية .
والسؤال هنا لماذا الان ونحن نعيش الانتصارات ؟ فأذن هناك سبب سياسي لطرحها في هذه المرحلة 0
فقانون الاحوال الشخصية رقم ١٨٨ لسنة 1959عندما وضع ضمن دراسة مستفيضة من قبل علماء الاجتماع وكان يشرف على كل فقراته فريق من القضاة والمراجع الدينية من المذهبين الشيعي الجعفري والسني الحنفي مع مراعات الطوائف والاديان الاخرى , اي انه مأخوذ من احكام الشريعة الاسلامية الاكثر ملائمة لروح العصر .
وتوضح الطائي اننا بلد متعدد الطوائف والاديان واذا احتكم كل الى شريعته فأن هذا الامر سيلغي دور القانون والقضاء ونعيش مرحلة المشاعية .
واوضحت الطائي ان قياس رقي المجتمع من رقي المرأة وتطورها فاذا لازلنا ننظر اليها كونها ناقصة عقل ودين فلا نتعجب من نظرة الاخرين لها لذا تعمل منظمات المجتمع المدني وبعض المؤسسات المهتمة بالشأن المجتمعي والامم المتحدة الى اخذ المرأة دورها الحقيقي وتمكينها من صنع السلام والمطالبة دائما بفصل الدين عن الدولة لهذه الاسباب وغيرها فخلط الامور هو ما اوصل البلاد الى هذه النتيجة من الخراب والتخلف وعدم المحافظة حتى على مكتسبات الزمن الجميل.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق