الأنتهاكات النفسية وتدعياتها على
مستقبل اطفال العراق جراء الحروب المستمرة
جاءت فكرة اليوم
العالمي للطفل بمثابة تذكير للبالغين بضرورة احترام حقوق الطفل ومنها حقه في الحياة
وفي حرية الرأي والدين والتعليم والراحة ووقت الفراغ، وحمايته من العنف الجسدي والنفسي،
وعدم استغلاله في العمل قبل الاستمتاع ببراءة الطفولة وفترتها الكاملة.
واليوم وما نشاهده
ونسمعه من كوارث انسانية أهمها الحروب, يظل الأطفال من الضحايا الأكثر تضرراً،حيث يتم
انتهاك حقوقهم في كثير من بقاع الأرض. ووفقا لبعض الإحصاءات يعاني الملايين منهم حول
العالم من نقص في الأدوية ويموت الكثير منهم بسبب نقص الرعاية الطبية.
الأطفال هم ضحايا
الحروب البشعة, وإن لم يصابوا بأي مكروه جسدي، تصيبهم التداعيات النفسية، وتؤثر عليهم
حتماً.
الطفل ... البرعم الصغير ... هذا هو موضوعنا المهم
الذي تناقشنا حوله مع (د.طالب مهدي) أستاذ علم الأجتماع في جامعة بغداد كلية
الأداب حيث قال ان الأطفال ضحايا الحروب لابد من الألتفات الى كيفية احتضانهم
ورعايتهم أنسانيا في المجالات الاتية: المجال النفسي حيث يشكل الخوف عامل سلبي في
نموالشخصية نموا سليما. المجال الصحي حيث تعرض الاطفال للكثير من الأذى الجسمي مثل
العوق اوفقدان اجزاء من الجسم لذلك يجب تخصيص مستشفيات من أجل رعاية هولاء الاطفال
من هذه الناحية. المجال الاجتماعي تثقيف أسر الاطفال على الوسط الصحي والنفسي ودعم
الأسر ماديا وثقافيا من قبل مؤسسات كبيرة واشتراك منظمات المجتمع المدني التي لم
تظهر جهودها الحقيقية في المجتمع العراقي من أجل رعاية هذه الفئة .والمجال
الاقتصادي والمدرسي ايضا عمل مشاركات جماعية واخبارهم بما يحدث وما أصابهم من
الاضرارحتى يفهم الاطفال مواجهه هذه المشكلة في المستقبل.
من نفس الجانب تحدثت (د.سحر نجم)استاذة علم
الاجتماع جامعة بغداد كلية الأداب نحن نحتاج الى منظومة فكرية متمدنة خالية من اي
انتماء فردي عنصري بجهود المجتمع ممن يساهم ويتفاعل مباشرة مع الطفل وأهم جهة هي
الاسرة و المدرسة بمراحلها كافة بمعنى العودة الى تفعيل التربية قبل التعليم وأذا
قارنا مجتمع اليابان أو اندونيسيا قبل وبعد نجد ان الاهتمام كان موجها للتربية
الاخلاقية قبل كل شيء وبالمقارنة مع ارثنا الاخلاقي إسوةً بالرسول العظيم محمد
(صلى الله عليه وسلّم) أاو الشخصيات
التاريخية البناءة فهي خزين وافر للمعلومات التي من خلالها صناعة اجيال واعية
ومدركة وصلبة امام الأزمات .ولكن المشكلة بالطرح الموجه من الفضائيات, ناهيك عن
التراكمات القاسية للتاريخ العراقي الذي خلق فجوة وعدم ثقة بين الشعب والحكومات
المتعاقبة في صياغة كرامة الانسان وخاصة بعد عام 2003. عليه لابد من توجيه
الباحثين الميدانيين بالنزول الى ميدان العمل التنموي الحقيقي بالأختصاصات كافة للعمل
من اجل انقاذ الطفل العراقي .
الحروب وأثرها
على الأطفال
وأضاف
(د.قاسم محمد الشمري ) تخصص علم نفس النمو - جامعة بغداد عبر اتصال هاتفي معه.. بأن
العراق يعيش أحداث متسارعة لا تخلو من العنف في شتى مجالات الحياة اليومية حيث ان
الأرهاب بدا يشكل عبء على كل أسرة عراقية لا تود ان يحيى اطفالها تحت جسر الخوف
ويحاولون عدم الكلام حول الاحداث امام اطفالهم لأن عدم التطرق الى هذه المواضيع هو امر خاطئ حيث ان
الخبراء ينصحون بعدم ترك الطفل دون معرفه بسيطة للامور التي تدور من حوله لان ذلك
سوف يجعلهم ضحايا الخيال الخاص بهم.
ولذلك يجب مساعدة الاطفال على التعرف على ما
يجري وكيفية تمييزالحقيقة ويدرك ان ما يحدث من اعمال ارهابية هو ليس خيال وانما هي
امور في غاية الأهمية بالاضافة الى ان الصورة عندما تنقل من الاهل افضل من أن
يفهمها من جهات اخرى حيث ممكن نقل الموضوع بطريقة سهلة دون مبالغة بالكلام وذلك
يعتمد بالدرجة الاساس على الفئة العمرية .كما يجب على الحكومة أيضاً العمل بجدية
بالتأثير المباشرعلى وسائل الاعلام والمراقبة في عرض الافلام التي تشيع حالات
العنف .
حقوق الطفل العراقي
وعبر أروقة كلية الأعلام - الجامعة العراقية إلتقينا مع (د.زياد الصميدعي)
أستاذ مادة القانون, وإبتدأنا الحديث معه عبر سؤالنا عن قانون حقوق الأنسان ومن
بنوده الحق في الحياة والصحة والتعلم والحماية ..برأيك الطفل العراقي توفر له اقل
من هذه الحقوق أو واحد منها ؟؟ فأجاب :ان العراق من الدول المشاركة بمواثيق حقوق
الطفل بالأضافة الى ان القانون العراقي يتعامل مع الأطفال معاملة خاصة ضمن حقوقهم
بما يتعلق بقضايا الاموال عن طريق قانون رعاية القاصرين وذلك بحد ذاته ضمان لهم
حيث توفر دار لرعاية الأحداث والذي يختلف عن السجون وتقوم الدار بأعطاء دروس
توجيهيه لهم وذلك من اجل المحاولة معهم بأن يرجع شخص سوي في المجتمع .لكن أزمة
الطفل العراقي وعمالة الاطفال مايزال هناك تقصيرفي حلها ولو بشكل بسيط من قبل جهات
حكومية و منظمات المجتمع المدني كونها منظمات حديثة لم تاخذ ابعادها العملية بعد
والكارثة اكبر بكثير من امكانياتهم. حيث الاطفال اصبح عددهم كبير وهم عرضة للأنقياد
نحو الجريمة والموضوع يحتاج الى دراسة من ناحية تسول الاطفال الى العودة الى المدارس دراسة من قبل جهات حكومية
واسعة وشاملة من كل النوحي.
وفي لقاء مع الامين
العام المساعد لمنظمة الهلال الاحمر العراقي (أ.محمد الخزاعي),ذكر إن اكثر الفئات التي
تتعرض للخطر في الحروب هم الاطفال وخاصة ما تعرض له الاطفال في محافظات الموصل والأنبارمنذ
سنتين واكثر حيث الأطفال ينتقلون من مكان الى اخر ويتعرضون الى اخطار كثيرة وخاصة الامراض
الانتقالية بسبب قربهم من بعضهم البعض وفقدانهم البيت والمدرسة وربما الاهل ايضا مما
يصيبهم من الأزمات النفسية والجسدية ,حيث من خطط الهلال الاحمر العراقي وما يقدمه المتطوعين
هو تقديم دورات توعية صحية ومنشورات عن كيفية التعامل مع هذا الواقع اضافة الى تقديم
الملابس والغذاء وخاصة الحليب وايضا اعطاء مبالغ مالية لبعض العوائل من قبل الصليب
الاحمر الالماني .وعمل دراسة من اجل معرفة طريقة تفكيرهم من خلال نشاطات وجلسات تفريغ
والعاب منها الرسم والاغلبية كانت ترسم مشاهد عنف او البيت الذي كانوا يسكنون به او
شخص عزيز عليهم فقدوه وهذه الانشطة يتم تقديمها من فريق مدرب على مثل هذا النوع من
الحالات النفسية كي يدرس مستوى الحالة النفسية للطفل .وتم مساعدة 46 الف حالة من المناطق
المتظررة بمساعد الصليب الأحمر السويدي الذي قدم العديد من الخدمات ومن الضروري عودة
هولاء الاطفال الى بيتهم وتقديم لهم كل انواع الدعم والمدة طويلة.
الأسرة اساس المجتمع
وفي لقاء
مسائي في نادي المرأة والطفل ثمه حديث مع المستشارة دينا النقيب رئيسة النادي ضمن شبكة
الوفاء لنشطاء المجتمع المدني : نصت المادة (29) من دستور الجمهورية العراقية العام
2005
أولا:
أ. الاسرة اساس
المجتمع وتحافظ الدولة على كيانها وقيمها الدينية والاخلاقية والوطنية.
ب. تكفل الدولة
حماية الامومة والطفولة والشيخوخة وترعى الناشئة والشباب وتوفر لهم الظروف المناسبة
لتنمية ملكاتهم وقدراتهم.
ثانيا: للاولاد
حق على والديهم في التربية والرعاية والتعليم، وللوالدين حق على اولادهم في الاحترام
والرعاية.
ثالثا: يحضر الاستغلال
الاقتصادي للاطفال بصورة كافة وتتخذ الدولة الاجراء الكفيل بحمايتهم.
رابعا: يمنع كل
اشكال العنف والتعسف في الاسرة والمدرسة والمجتمع.
وهذا يتطلب تكوين
هيئة عليا تتشكل من المؤسسات ومنظمات المجتمع المدني وخبراء واختصاصيين وعاملين في
مجال سوء معاملة الاطفال، تكون مهمتها بناء ستراتيجية تستند الى رسالة واضحة واهداف
محددة وتتضمن برامج للعمل وآليات للتنفيذ والتقويم، فضلا عن تحقيق مبدأ الشراكة بين
المؤسسات الحكومية المعنية ومؤسسات المجتمع المدني بحيث تضم قانونيين واطباء وباحثين
اجتماعيين وخبراء نفسيين وتربويين واعلاميين، الغرض من ذلك وضع برامج وورش عمل من اجل
توعية المجتمع واساليب التدخل الارشادي والوقائي والعلاجي للطفل العراقي الذي تعرض
الى مشاكل نفسية واجتماعية واقتصادية معقدة، فضلا عن ذلك اجراء دراسات وبحوث من اجل
تحديد حجم المشكلة ودراسة العوامل المترافقة معها والعواقب المترتبة عليها والتي تطال
الطفل والعائلة والمجتمع، وبناء قاعدة معلومات على المستوى الوطني وكذلك مراجعة القوانين
المتعلقة بحماية الطفل ودمج القوانين والتشريعات الدولية بالتشريعات العراقية واصدار
قانون حماية الطفل وتعريف قانوني لسوء المعاملة او الاهمال وتوفير الحماية القانونية
للطفل من الاعتداء والاهمال وسوء المعاملة، وكذلك وضع قانون لاعادة تأهيل الضحايا من
الاطفال وانشاء جهاز قضائي متخصص بقضايا الاطفال وتحديد مراكز آمنة للضحايا من الاطفال
او في مجال الثقافة يتطلب وضع خطة اعلامية لمواجهة ثقافة العنف والتطرف ومحاربة الصور
النمطية وابعاد الاطفال عن الاستغلال الجنسي اضافة الى ذلك اصدار المجلات والكتب المتخصصة
بثقافة الطفل. توفير خدمات صحية على اعلى مستوى ومتابعة الامراض الخطيرة التي يتعرض
لها الطفل مما يهدد مستقبل بلد بحاله.
التعليم مسؤولية كبيرة
دار الحديث مع الأستاذ (زياد القيسي)المهتم
بشوؤن الطفل حول رؤيته لواقع الطفل الذي جاء من المناطق المتضرره وكيفية اندماجه
من جديد مع المدرسة والمجتمع, لقد أصبح الطالب وهو جالس في صفوف التعليم مشتت
فكريا ويعود السبب للعنف الذي يحيط به ويشهده بلدنا منذ سنوات. لذا علينا اتباع
وسائل تعليم غير تقليدية تشد انتباه الطالب للدرس مثل التعليم عن طريق اللعب خصوصا
وان غرف الصفوف اصبحت تفتقر لأبسط المستلزمات الصف الدراسي النموذجي فهنا يجب ان تتضاعف
جهود المعلم ومسؤوليته في طريقة إيصال
المادة لتلاميذه.
وفي نفس الجانب تحدثت المدرسة (سندس احمد) في
أحدى ثانويات بغداد أن القصص التي نسمعها من الطلبة مؤثرة جدا حيث
عاشوا واقع مؤلم لا يكاد يستوعبه العقل فحين يصف جمع من التدريسيين حالة بعض الطلاب النازحين او ضحايا الارهاب
وكم يعانون من حالة نفسية صعبة لرؤية بعضهم وقد قتل أبوه امامه وهو بعمر 15 عام واخر يعيش مع شقيقته فقط
بعد استشهاد اهلهم جراء القصف وهربوا ليلا خشية من تعرض شقيقته لسوء وهم الان لا يستطيعون
حتى دفع ايجار سكنهم ويحاول ان يوفق بين دراسته والعمل على (بسطية) في الشارع وقصص
اخرى واخرى مشاعر لا توصف ودموع تذرف من العيون وجميعهم يتمنون العودة لمناطقهم
ومدارسهم رغم نقص الخدمات واطفال اخرون تركوا مدارسهم لعدم قدرة ذويهم على توفير الكتب
والملابس فاضطروا للعمل في الشارع اما لبيع شيء او التسول كل ذلك سوف يخلق جيل غير
متعلم حيث يجب على من يهمه الأمر الاهتمام بهذا الموضوع ومحاولة أنقاذ عدد كبير من
هولاء الاطفال.
وفي حيٍّنا السكني تحدث الكثيرون عن السيدة
(أم طه)وهي أرملة ونازحة من أحدى المدن التي تعرضت للقصف أم طه لديها ثمانية أبناء
وحدها من يرعاهم أحببت زيارتها والحديث معها حيث قالت : توفى زوجي منذ اكثر من
سنتين واضطررت للنزوح الى مدينة بغداد خوفا من القصف المستمر وايضا اخاف على
اولادي واريدهم ان يكملوا مشوار دراستهم لكن عنما جاءت واجهت الكثير من الصعوبات
بالحياة تتطلب الكثير مثل دار للسكن ومصاريف البيت والاولاد والمدارس وغيرها
وبمساعدة الناس الخيرين حاولت ان اقدم شيء لعائلتي وايضا وجدت عمل بسيط لي لكن
المسؤولية كبيرة جدا واخاف على ابنائي من الضياع اذا لم يجدو ما يؤهلهم لمواجهة
الحياة فغياب الاب وترك المنزل شيء ليس بالهين والحمد الله حالتي احسن من غيري
بكثير هناك من لم يجد أمه أو وأباه وسوف ابقى احاول واقدم لهم ما استطيع الى ان
يصبحوا ابناء متعلمين ولديهم شهادات تساعدهم للوقوف امام هذه الحياة الصعبة واحاول
ورغم حالتي النفسية الصعبة ان اقدم لهم دعم مادي ومعنوي حتى يستمروا في مواصلت
دراستهم .
أما الطفل أنور (11 عاماً) وهو احد الأطفال
الذين نزحوا من المناطق المنكوبة مع أمه
وجدته وأخوته فهم يسكنون في دار بسيطة جدا في أحد أحياء مدينة بغداد ويحاول العمل
على رصيف الطريق من اجل مساعدة والدته في مصروف البيت ولم يحاول العودة الى المدرسة
لأنه لم يجد من يساعد امه حيث أبوه أختفى
حين خرج ذات مرة الى السوق ولم يعد ولم
يعرف مصيره وهو الاخ الأكبر من بين أخوته و يعيش عمر اكبر من عمره لم يلعب مثل
الاطفال ولم يستطع حتى مشاهدة التلفاز لانه يرجع من العمل متعب يأكل وينام ويقول
أنور " أتمنى ان يعود ابي للبيت مرة أخرى فأنا مشتاق له كثيرا حيث كنت أعيش معه
وأنا الآن حزين من دونه " ونحن نتمنى ذلك ايضا.
تحقيق:
رنا خالد - بغداد
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق