آخر الأخبار

2015/04/01

ماهية الرقابة الإدارية

سواء أخذت الدولة بالنظام المركزي أم بالنظام اللا مركزي فلابد لها أن تباشر نوعاً من الرقابة على الهيئات الإدارية الأخرى، وهذا ما يسمونه بالرقابة الإدارية. ولقد جرى العرف في فرنسا مثلا على استعمال اصطلاح الوصاية الإدارية بدلاً من استعمال اصطلاح الرقابة الإدارية، والحقيقة أن هنالك فرقاً بين الرقابة والوصاية، لأن الوصاية تقع على القاصر الذي لا يملك إجراء التصرفات القانونية، بينما الرقابة التي تباشرها الدولة إنما تقع على هيئات إدارية تملك إجراء بعض التصرفات القانونية. والبعض الآخر يقتضي نفاده إجازة الرقيب أي الدولة ومن هنا يظهر أن الرقابة الإدارية لا تشبه الوصاية وإذا أردنا أن نجد لها شبيهاً في القانون الخاص فأنها تبدو وكأنها تشبه (القوامه) التي تكون (للقيم) على القاصر المأذون له بالتجارة.وكذلك يختلف الغرض المقصود من الرقابة في القانون الإداري عن الغرض المقصود من الوصاية في القانون الخاص، ذلك أن الوصاية يقصد بها حماية القاصر نفسه بينما الرقابة الإدارية يقصد بها حماية الدولة ضد إساءة الهيئات المحلية لاستعمالها لاختصاصاتها كما يقصد بها حماية الأفراد ضد تعسف أو كل تعسف ترتكبه الهيئات المذكورة.ثم أن هذه الرقابة ضرورة لأزمة لإرشاد الهيئات المستقلة إدارياً وبالأخص حين تبدأ خطواتها الأولى. وبعد فأن هذه الرقابة التي للدولة على الهيئات التي تتمتع بشبه استقلال يوجد الصلة بين السلطة المركزية وبينها.تلك الصلة التي هي أمر لازم من أجل الإبقاء على وحدة الإدارة. والحقيقة أنه إذا انعدمت هذه الرقابة الإدارية للسلطة المركزية على الهيئات اللامركزية المنتشرة في الأقاليم فأنه يخشى أن تتحول الدولة إلى مجموعة إدارات متعددة. وقد تصبح متناثرة، الأمر الذي لا يتفق مع سلامة النظام الفيدرالي للدولة ووجوب العمل على إبقاء الروابط بين أجزائها.وعلى ذلك فإن استعمال الفقه الفرنسي اصطلاح الوصاية الإدارية بدل الرقابة الإدارية لا يوجد من الناحية الفقهية ما يبرره.وعلى كل حال فرقابة الدولة- على الأشخاص- الإدارية المستقلة استقلالاً ذاتياً أمر واقع في كل الدولة التي تأخذ بالنظام اللا مركزي، لأنه مهما طبق النظام اللا مركزي يغلو فلا يمكن أن يجول بخاطر أشد أنصاره (القضاء على المركزية الإدارية كلياً).فحتى في الدول ذات النظام اللا مركزي القاعدة التي تحكم نظامها الإداري هي المركزية. أما اللامركزية فتكون مجرد استثناء.هذا وتباشر هذه الرقابة من قبل أجهزة السلطة التنفيذية سواء أكانت رقابة رئاسية يباشرها الرؤساء على مرؤوسيهم كرقابة الوزير على أعمال وزارته من المصالح والهيئات التابعة لها بوصفه الرئيس الأعلى أم رقابة إدارية تباشرها الحكومة أو السلطة المركزية على الأشخاص الإدارية اللامركزية سواء أكانت هيئات محلية أو مصلحية.ويظل الأمر خاضع في ما يتعلق (بالرقابة الإدارية) بحسب أسلوب التنظيم الإداري السائد في الدولة. وعليه أخيراً يمكننا القول أن الرقابة الإدارية هي الصلة الواصلة بين السلطة المركزية والهيئات اللامركزية أو المصلحية والتي تعد أمراً لازماً من أجل البقاء على وحدة الإدارة داخل الدولة.ففي النظام اللا مركزي الإداري نستطيع أن نحدد الوسائل التي تمارسها السلطة المركزية على الهيئات اللامركزية المحلية أو المصلحية في الشكل التالي: الإشراف التشريعي: فهي تبدأ بهذا الإشراف التشريعي الذي للدولة على إنشاء الأشخاص ذات الاستقلال المحلي أو المصلحي أي الأشخاص اللامركزية وكذلك في حق الدولة بالاعتراف لها بالشخصية المعنوية فهي لا تتمتع بهذه الشخصية إلا بأذن الدولة، وهذا الأذن يعتبر منشئ لا مقرراً لتلك الشخصية المعنوية. وهذا الأمر يعتبر قائماً سواء أخذنا بتلك النظرية التي تعتبر الشخصية المعنوية حقيقة أم بتلك التي تعتبرها مجرد مجازاً.وبعد فرقابة الدولة على هذه الأشخاص تظهر أيضاً جلية وواضحة إذا لاحظنا أن الدولة هي التي تحدد اختصاصات هذه الأشخاص اللامركزية. وهي أيضاً التي تبين كيفية مباشرتها لهذه الاختصاصات وتبدو أيضاً هذه الرقابة بما تضعه الدولة من قواعد تبين كيفية تشكيل الأشخاص اللامركزية.أما في النظام المركزي الإداري الذي من أهم سماته (التبعية والسلطة الرئاسية) نستطيع أن نقول إن وسائل الرقابة الرئاسية التي يباشرها الرؤساء على المرؤوسين كل بحسب منصبه وصولاً إلى قمة الهرم أو السلم الإداري الذي يأتي على قمته.

حسين علي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق