عدد من اساتذة كلية الفنون الجميلة في العراق أكدوا أن النصب والتماثيل في اي بلد دليل قاطع على مدى التطور الفني في تاريخ فن النحت لهذا البلد كما تعبر عن مدى رقي الذائقة الفنية لفناني ومواطني هذا البلد ,أما منظر النصب والتماثيل في العراق بعد عام 2003 افتقر وبشكل كبير لهذه الذائقة بسبب صفقات الفساد التي تعرضت لها هذه النصب .
النحات مشتاق الربيعي أستاذ متمرس في كلية الفنون الجميلة من العاصمة بغداد قال إن " نصب الحرية في مدخل محافظة البصرة , والذي كان عبارة عن باذنجانة وأحصنة تقوم بالدوران حول تلك الباذنجانة بطريقة مثيرة للسخرية كلف حسب ما أعلن عنه مبلغا وصل الى ثمانية مليار دينار عراقي , بينما لو أردنا حساب كلفته سنجدها لا تتجاوز بضعة ملايين على أقل تقدير , وأنا أجد في هذا الرقم الاول مثيرا للجنون والدهشة أكثر من كونه مثيراً ومستفزا للأعصاب ." واضاف الربيعي " كان من المفروض ان يستلهم تصميم هذا النصب من تاريخ البصرة وطبيعتها الاجتماعية والثقافية كون موقعه يقع بالتحديد في مدخل المدينة , ومن المفروض ان يتيح للزائر فرصة للتعرف على البصرة وتراثها العريق من خلاله".
عالية المظفر نحاتة متمرسة في كلية الفنون قالت "الفساد الاداري والمالي لا يقع ضمن الميزانية العالية المخصصة للنصب والتماثيل في بغداد او باقي المحافظات فحسب بل حتى موضوع النافورات التي ملأت اغلب ساحات بغداد خاضعة لعمليات فساد كبيرة وارقام هائلة" المظفر اشارت الى ان " كلفة بناء نافورة هي عبارة عن انبوب ماء يتدلى من مرتفع اسمنتي وصلت الى مليار دينار , مع ان الكلفة التقديرية لهذه النافورة لم تتجاوز عدة ملايين , وطبعا هذا يعود الى عمليات الفساد المالي والسرقة العلنية في مشاريع النصب والتماثيل والنافورات والتي تتحمل مسؤوليته (مافيات متخصصة تعمل تحت انظار المسؤولين بل وبتوقيع منهم بالموافقة ." كما بينت المظفر ان "الاعمال الفنية توكل غالبا الى (ابن عمك وابن خالك) وتندرج ضمن المقاولات التي تشوبها صفقات فساد واضحة".
واوضحت المظفر، ان "اقامة النصب الجديدة هي محاولات لتزيين الاماكن لكنها في الحقيقة عملية تشويه متعمدة للذائقة الفنية وبعيدة كل البعد عن الجمال ".
من جهته، قال الشاعر والصحفي احمد عبد الحسين، ان "مجموعة من الهواة بالتعاون مع فاسدين من داخل الوزارات واللجان الفنية في وزارة الثقافة ينجزون اعمالا ليس لها علاقة بالفن العراقي وتماثل اذواق الساسة لتوفير مساحة لسرقة الملايين من ميزانية تلك الوزارات والمؤسسات بأسم العمل الفني , والادهى من ذلك انهم لا يفكرون في سد النواقص الموجودة داخل بنايتهم واقسامهم بل يركزون على تفاهات الامور باعتبارها مشاريع خفية ايرادها المالي عالي وبعيدة عن رقابة النزاهة سبيل المثال نجد هناك وزارة او مؤسسة تفتقر الى وجود كراسي كافية للجلوس عليها ويتم استبدالها بالموافقة على اقامة نصب بائس او تمثال اخرق او حتى اقامة فعاليات مشوهة , وتجد من يعمل على هذا الموضوع منشغل تماما باستحصال الموافقات والتنفيذ بسبب ما تخلفه تلك الامور من مبالغ عالية تدخل لجيوب هؤلاء الهواة والمسؤولين ".
النحات رعد هادي شاركه في الرأي حيث قال ان "النصب الفنية يجب ان تخضع لقواعد فنية عالية كما يجب ان تخضع لوجود لجان متخصصة بدراسة النسب الكلفية لهذه المشاريع سواء كانت نصب تمثال او تشييد نافورة في منطقة معينة ، حيث كان النظام السابق يعرض الصور والاعمال على 3 الى اربعة لجان قبل الموافقة على نصبها في الساحات العامة والشوارع , كما يجب ان تخضع المبالغ التي يتم صرفها في شراء المواد الاولية لمراقبة من قبل تلك الللجان ايضا كي يتم محاربة الفساد المالي الذي يشوب اغلب هذه الاعمال . والا ما تفسير ان يهتم المسؤول منذ توليه منصبه ولسنين عديدة بالاهتمام بهذا الجانب وترك باقي المشاريع المهمة التي لها دور اساسي في القيام بحال مؤسسته ويلجأ الى الاهتمام بنصب هذه التماثيل والنافورات وغير ذلك من صور الفساد الاخرى ".
النحات رياض السعيدي قال بعد الحقبة الاخيرة التي مر بها العراق قال بعض الهواة الطارئين على عالم النحت اننا سوف ننتج نصب على غرار ( محمد غني حكمت ) , واول نصب تم تشييده في بغداد كان خطير بالمعنى والشكل !! حيث تم استيراد (أسود من الصين ) على غرار ساحة السباع التي تحتوي على تماثيل من الأسود التي نحتت بطريقة جميلة ومذهلة لذلك قامت جهة مجهولة باستيراد أسود من الصين بلاستيك مع حفنة من الورود ووضعها في ساحة الطلائع في منتصف بغداد وكأننا لسنا بلاد (أسد بابل ) ولا اعلم بالتحديد من هو ومن الذي استوردها وما الهدف من ذلك ؟ ومن المؤكد ان بهذه الأسود البلاستيكية تجاوزنا محمد غني حكمت وانجازاته وتحولنا الى افضل حال !!.
مها العبيدي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق