بالامس كانت المرأة تصل سن الستين و كأنها لم تتجاوز سن الاربعين , اذا نظرتَ إليها تجدها مليئة بالحيوية و النشاط والابتسامة لا تفارق ثغرها , على الرغم من بيتها المتواضع وحياتها المليئة بالمشاغل الصعبة والشاقة , في العهد السابق كانت المرأة تنام باكراً وتصحوا باكراً لتصلي الفجر ومن ثم تذهب الى الحقل او السوق لتجني الثمار وتعود الى البيت وتحظر الطحين وتصنع الخبز وتطهوا الطعام وتقوم برعاية اطفالها وعلى الرغم من كل ما تبذله من جهد تجدها مبتسمة مشرقة الوجه تتعامل مع جيرانها بكل ود و احترام فنحن في عصر انقلبت فيه الموازين ترى الام مشغولة في وظيفتها والاطفال ترعاهم الخادمة و الطامة الكبرى اذا كان في البيت مراهق او مراهقة , اين دور الام في هذا الضياع ! ؟ و لاننسى الجد والجدة اين مكانهما في هذا الزمن الرديء لقد ولى عصر الجدات بين الاحفاد ترى الجد و الجدة تقتلهما الوحدة ينتظران مصيرهما سألت هذه المرأة المعمرة كيف لا تشعرين بالملل من الحياة بعد هذا العمر الطويل ؟ فأجابت نحن كنا عائلة مترابطة وهذا ما جعلني لا اعرف الملل طوال حياتي ولكن الحياة مرهقة وتشغل الناس و لكني ما زلت اعيش حياة تملائها المودة والرحمة , قلت ما السر في انك ما زلت تشعرين بالسعادة ؟ فقالت سر سعادتي انني احببت الناس و لم احمل لأي مخلوق ذرة كراهية و هكذا انا سعيدة .. ان الدنيا زائلة والعمر قصير مهما طال , قلت في نفسي ليتني مثل هذه العجوز الفاضلة احب كل الناس فالحب نعمة لا ينعم بها الا من وهبه الله قلباً صافياً ونفساً مطمئنة , و الله يرحم ايام زمان.
صوفيا محمد