كتاب استهوى فكر الكاتب الدكتور عمرو شريف , في قضية اللاهوت لما فيه من اصرار وعزيمة من
قبل السير انتوني فــلو استاذ الفلسفة البريطاني– كان يصف بالحكمة
والعقلية المدققة المحللة الناقدة -على إثبات حقائق منطقية كانفي غفلة عنها لخمسين
عاما, بعد تحوله من الالحاد الى الايمان واثبات هب وجود اله وخالق لهذا الكون البديع,
في ضل قاعدة سقراط الشهيرة ( ان نتبع البرهان الى حيث يقودنا )وما واجهه من قبل
الملحدين من موجات غاضبة ونافيه لإثباتاتها العلمية والدينية , ساعين نحو الايقاع
بها ونفيها من الوجود للدفاع عن ايمانهم المقدس بالإلحاد! وكالوا اليه بكل مالا
يليق بالتهم والنقائص .
قدم لنا الدكتور عمرو هذا الكتاب في جزئيين يعرض في الجزء الاول منه الرحلة
العقلية للسير انتوني في كتابه (هناك اله) وذلك في بابين، الباب الاول (من خلال
ثلاثة فصول ) كيف تم تشكيل فكر انتوني فلو ليصبح فيلسوفا ملحدا بالرغم انه ولد في
اسرة مسيحية شديدة التدين ,وكان يعتبر اشرس ملحد في النصف الثاني من القرن العشرين.
والباب الثاني (من خلال ستة فصول ) رحلة انتوني فلو من الالحاد الى الايمان
والعوامل التي كانت وراء هذا التحول, حيث استطاع الاثبات للعالم وللملحدين بوجود
اله بعد ان كان عمره قد تجاوز الثمانين , حيث تعتبر رحلته خير مثال للتفاعل بين
وجهي العملة ( الفلسفة والعلم ) كمصدرين بشريين للمعرفة.
لينتقل بنا الدكتور شريف الى الجزء الثاني- من رحلة انتوني فلو العقلية الى رحلته
هو- صائغا للأدلة العلمية لمفاهيم مدموغة في جيناتنا وفي امخاخنا..ويستعرض بداية الجزء الاول من الكتاب، فكر الإلحاد
المعاصر وسماته في أوروبا في العصر الحديث، منذ أكثر من 500 سنة مضتوتم التأكيد حينذاك عن يقين ان نشأة الالحاد
وأنكار(اساسيات النظرة الدينية) لم تكن مشكلة علمية على الاطلاق , بل هيه مشكلة
فلسفية اُخذت بعين الاعتبار من قبل عقول بشر لم تأخذ بالمناطقة .
اصروا حينها ان الكون نشأ تلقائيا من العدم والغي قيام الاله بأي دور كوني
, وفسروا الظواهر الطبيعية بشكل لا يحتاج للبحث عن غاية او هدف مما ادى الى هدم
الثورة العلمية التي تنص على ان الايمان يمثل نظاماً اخلاقياً ,اي ان جميع الامور
كانت تفسر بشكل ميتافيزيقي , وبتلك العقول والنظريات تلاشت تماماً الحاجة الى
الدين والى الاله .
لكن الجوهر هو ان الاسلام يمزج بين الدين والعلم والعقل في سبيكة ليس لها
نظير في اي منهج اخر ... كما في قول الحق عز وجل((سَنُرِيهِمْ
آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ حتى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ
الْحَقّ)) .
ومن اجل ذلكنجد ان القران الكريم مليء بالدعوة للتفكر, ومليء بالإنكار على
من لا يستخدمون عقولهم (( افلا يعقلون )) ؟ .
وهذا ما توصل اليه بعد رحله عقل طويلة وبعد أدراكه بأن مفاهيمه السابقة
وجهت تحليله للظواهر والبراهين والحجج , ومن الصواب فسح المجال للبراهين والحجج
الجديدة لإعادة تشكيل مفاهيم وآراء ارحب عن العالموبالرغم من ذلك , يجب ان تحاكم
النظرية الى الادلة وليس بناء على انحيازاتنا الفلسفية وقلقنا حول تضميناتها
الدينية المحتملة.
يستكمل الكتاب في الجزء الثاني رحلته بعرض مفاهيم فلو الأساسية لرحلة
عقل، قوامها كما يبين، المنهج العلمي والفلسفي ومن ضمنها:
- البرهان الكوني في الميزان: ويعني ان دقة بنية الكون ,
تدل على وجود الاله الخالق
- المبدأ البشري في الميزان : ان ما في بنية الكون توافق
مذهل مع احتياجات الانساندليل على أن الإله صمم الكون على هذه الهيئة، ليكون مناسباً
لنشأة الحياة بصفة عامة ونشأة الإنسان بصفة خاصة.
وفي الجزء الثالث يدرس المؤلف الفكر الديني في الميزان
والدين الطبيعي والعلمانية
ويفرد
الكاتب فصلاً كاملاً للحديث عن: العلم بين استغلال الملحدين واتهام المتشددين؛
ليصل بنا الكاتب في النهاية، إلى الصورة المثلى للعلاقة بين الخالق والمخلوق، ويلخص
الكاتب في حصاد هذه الرحلة إلى أن الإنسان خُلق لغاية . مستضيفاً للمباحث الفلسفية الثلاثة بين سطوره موضحاً اهميتها بدلاله (
الوجود , المعرفة , الاخلاق) اذ ان الانسان ليس في حاجة الى دين لإدراك وجود الله!
فالوعي بوجود الله شعور فطري ركبه الله في الجانب العاطفي عند الانسان ليقوم
الانسان بتأسيس نظامه الديني كبنيه تعلو هذا الشعور .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق