افرادالاسرة بين واقعهم وعوالمهم الافتراضيه الى اين ؟
ما مدى تاثير هذه المواقع بسلبياتها وايجابياتها على
الروابط الاسريه ؟
هل الانترنت بمواقعه الالكترونيه اصبح بديلا عن الام
والاب في تربيه الاولاد؟
منذ زمن ليس بالبعيد كان افراد الاسره يجتمعون كل ليله
يتبادلون الاحاديث والضحكات ويتشاركون الاحزان والالام ويساهمون في حل مشكلاتهم
والتخطيط لمستقبلهم يجمعهم الحب والحرص على بعضهم البعض , حتى دخل عليهم ذلك الضيف الغريب (الانترنت ومواقعه
الالكترونيه ) .....
جعلت هذه المواقع كل فرد من افراد الاسرة يعيش بعالم اخر
بعيدا عن الاخرين , فالام ما ان تنتهي من اعمالها اليوميه حتى تذهب مسرعه للتواصل
على الانترنت منشغله بذلك عن اولادها وزوجها كذلك الحال بالنسبه للاب , اما
بالنسبه للاولاد فصاروا يتكلمون ويتعلمون ويمرحون داخل عالمهم الافتراضي اكثر من
عائلتهم التي يعيشون معها بنفس المكان .
وهكذا استطاعت التكنولوجيا ان تفكك روابط الاسرة
الواحدة نتيجه الاستخدام الخاطىء لها .
التاثيرات الاجتماعية السلبية على الاسرة العراقية
يقول الدكتور فجر جودة الاستاذ في قسم الاجتماع – كليه
الاداب – جامعه بغداد
ان العائله كانت تجمعنا والموقد , والحاج عليوي مع بعيره
المحمل بالقيم اما الان
فما عاد يجمعنا شئ وبدأ يختفي ما كان بداخلنا من ترابط
وتماسك وما عاد تواصل بيننا برغم وجودنا بنفس المكان بسبب انعزال كل منا بعالمه
الافتراضي واخذ زاويه من زوايا البيت بعيدا عن الاخرين ( ويكنك ) .
واضاف د.فجر ان مواقع التواصل الاجتماعي لم تعزز الجوانب
الاجتماعيه بشكل ايجابي بل كانت تاثيراتها سلبيه على العلاقات الاسريه متمثلا بعدم
تواصل الام والاب فيما بينهماوعدم تواصلهما مع الاولاد , كذلك بالنسبه للمستوى
التعليمي الذي بدأ ينحدر بسبب انشغال الاولاد بهذه المواقع وابتعادهم عن
التزاماتهم المدرسية , اضافه الى الجانب الخلقي المتاثر بالمواقع الاباحيه التي
يتعرضون لها .
وختم د. فجر جودة كلامه بمثل افريقي يقول :
(اذا ماتت عجائز الطيور فسد البيض )
الفجوة بين الاباء والابناء
وأضاف د. محمد رياض فخري استاذ مساعد - قسم الشريعه
الاسلاميه - كليه العلوم الاسلاميه ..ان على المسلم واجبات مكلف ان يؤديها ومسؤوليات
عليه تحملها بعيدا عن دور الدوله , ومن هذه الواجبات رعايه وحمايه عائلته وتوجيهها نحو كل ما يرضي الله
سبحانه وتعالى ويجنبهم الشيطان وشروره ويرتقي بهم نحو الخلق الرفيع والايمان
الصادق .
واوضح د. محمد ان مواقع التواصل الاجتماعي قد تسببت
بوجود فجوة بين الام واولادها والتي من المفترض ان تكون اكثر حرصا ومتابعه لهم
وذلك بسبب انشغالها باعمالها اضافه الى عالمها الافتراضي الخاص بها , كذلك عدم
الانتباه الى المفاهيم التي صار الطفل يكتسبها من هذه المواقع وتاثيرات الصور
المختلفه التي يتعرض لها .
كما اضاف ان الاطفال الذين يستخدمون هذه التكنولوجيا يقل
اهتمامهم بواجباتهم المدرسيه وبالتالي انخفاض مستواهم العلمي , كذلك الاهمال
لصحتهم من خلال السهر لساعات طويله امام اجهزتهم الالكترونيه .
واكد د. محمد رياض ان لهذه المواقع الالكترونيه اضافه
الي سلبياتها هناك ايجابيات لابد من ذكرها , فهي تمكننا من التواصل مع الاقارب
والاهل خارج البلد ومتابعه اخبارهم والاطمئنان عليهم , وعلى الصعيد العلمي تمكننا هذه المواقع من
الاطلاع على البحوث العلميه والتطورات العالميه مع المختصين والاساتذة وتحديد
مواعيد للمؤتمرات والندوات العلميه .
الاختراق الفكري للنشئ الجديد
كما وضحت الدكتورة وفاق حافظ استاذة في قسم الصحافه - كليه
الاعلام – الجامعه العراقيه ... ان الانترنت
بمواقعه الالكترونيه عمل تاثيرا واضحا على تشتت الاسرة وهذا ما نراه في تصرفات
وسلوكيات الشباب والنشأ الجديد وليس هذا وحسب وانما اثر على التربيه الاسريه بشكل
خاص , واصبح الاب لا يعرف ما يفعله الابناء كذلك الابناء لا درايه او التزام بما
يوجههم به الاباء فالتربيه هنا تعرضت لخروقات من قبل تلك المواقع واصبح الاولاد هم
ابناء للموقع الالكتروني هو من يربيهم والذي يغرس فيهم الخصال وبعض السلوكيات .
واوضحت انه لا يوجد انسجام عائلي او اسري كما كان من قبل
حيث اصبح كل فرد في الاسرة له عالم خاص به يتحدث الى اشخاصه ويمارس هواياته معهم
ولا يعير اي اهتمام لم يدور حوله داخل اسرته الصغيرة , فاصبح الصديق على صفحات
الويب ( مواقع التواصل الاجتماعي ) هو الاخ والام ولاب لذا ابتعد الابن عن والده
وكذلك ابتعد الاب عن اولاده وهذا ينطبق بشكل كبير ايضا على الام ودورها في تكوين
الاسره وترابطها حيث ابتعدت هي الاخرى عن مشاكلها وهمومها الى عالم النت وتناست
اسرتها الصغيرة وحاجتها اليها .
الهروب من هموم الواقع الى العالم الافتراضي
ويبين الدكتور عبد الرحيم عبد الصاحب الاستاذ في قسم علم
النفس – كليه الاداب – جامعه بغداد ان السبب في ابتعاد الفرد عن عائلته والهروب
الى العالم الافتراضي لاجل اشباع رغبات غير مشبعه سابقا من خلال الدخول باسماء
وصور مستعاره وتمثيل ادوار قد لا تكون لها صله بالشخصيه الحقيقيه وممارسه حريه بلا
حدود وبلا ضوابط مجتمعيه او عرفيه او قيميه , حيث ان الانسان يحتاج احيانا الى
التعبير عما في داخله وما يدور بها لكنه يصطدم بمانعين كبيرين هما الضمير والقيم
المجتمعيه السائدة وهذان المانعان يرتبطان بالشخصيه الحقيقيه فاذا ما تحرر من تلك
الشخصيه باخرى افتراضيه تمكنه من تخفيف الضغط المسلط على شخصيته الحقيقيه من خلال
التنفيس عن المكبوتات والدوافع التي كمنت بفعل الضمير والضغط المجتمعي.
واضاف ان تاثير هذه المواقع سلبي على الواقع الحقيقي من
خلال جعل كل فرد يعيش عالما افتراضي خاصا به بعيدا عن بقيه افراد عائلته وانفصاله
عنهم وعدم الشعور بوجودهم .
ونجد هنا ان مواقع التواصل الاجتماعي هي تكنولوجيا رائعه
ومفيدة بالرغم من كل سلبياتها فقد جعلت من التواصل امرا بغايه السهوله واليسرسواء
مع الاصدقاء اوالمعارف اوالاهل الذين تبعدنا عنهم مسافات كبيرة او في تكوين علاقات
جديدة تزيد من ارتباطنا ومعرفتنا بالعالم المحيط بنا , غير ان هذا الامر يجب ان لا
يؤثر بشكل سلبي على علاقاتنا الاسريه التي تمثل اهم واقدس العلاقات .
ان سوء استخدام هذه التكنولوجيا والابتعاد بها عن افراد
الاسره واهمال التواصل معهم يمثل مشكله بغايه الخطورة فقد تسبب ذلك بتفكك العديد
من العوائل متمثل بانفصال الوالدين وضياع الاولاد او انفصال الاولاد انفسهم من
عوائلهم , لذا نرى انه يجب علينا ان نبني من عوائلنا قاعدة قويه متماسكه متحابه
متعاونه نوليها كل الاهتمام والرعايه كي نستطيع الانطلاق من خلالها الى العالم
الخارجي بكل ثقه وفخر .
دنيا العبيدي
المرحلة الثانية
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق